جرائم الحرب المغيبة للعدوان السعودي الأمريكي.تقرير
محمد الحسني : في السادس عشر من أغسطس الجاري أعلنت وزارة الصحة اليمنية عن آخر إحصائية لشهداء وجرحى العدوان السعودي الأمريكي، حيث قالت إنهم بلغوا حتى 11 أغسطس 2016 7 آلاف و 827 شهيد، منهم ألف و620 طفل، وألف و199 امرأة، فيما بلغ عدد الجرحى 17 ألف و84 جريح، منهم ألفين و439 طفل، وألف و800 امرأة، مشيرة إلى أن إجمالي الإعاقات ألف و650 إعاقة.
الإحصائية التي أعلنت عنها الوزارة تضمنت فقط الذين وصلوا للمستشفيات والمرافق الصحية أي أن هناك بالتأكيد حصيلة أخرى للذين لايتمكنون من الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية وعددهم لن يكون بسيطا بسبب تدمير العدوان للعشرات من المراكز والمستشفيات في مختلف المدن والمناطق اليمنية التي هي في الأصل شحيحة وذات إمكانات متواضعة فضلا عن تدمير العدوان للطرق والجسور.
ما تغفل المنظمات ومختلف الجهات عنه هو ما يخلفه الحظر الغاشم الذي يفرضه العدوان على حركة النقل الجوي والبحري والحصار الذي يفرضه على دخول مختلف السلع وأهمها العقاقير والأدوية المستلزمات الطبية، وهو ما أسفر عن مئات الوفيات من المصابين بأمراض مزمنة إن لم يكونوا بالآلاف وكذلك من هم بحاجة إلى عمليات مستعجلة لإنعاش الحياة فيهم وهم بالمئات أيضا.
في التاسع من أغسطس الجاري أقدمت دول تحالف العدوان السعودي الأمريكي على إغلاق مطار صنعاء الدولي للمرة الثانية منذ بداية العدوان، مدشنة بذلك فصلا جديدا من جرائم الحرب التي ترتكبها في اليمن، وسط صمت وتواطؤ المجتمع الدولي وفي مقدمتها الأمم المتحدة.
القائم بأعمال وزير النقل عبد الله العنسي قال خلال مؤتمر صحفي للحكومة عقد في مطار صنعاء الدولي “إن الحظر الجوي على اليمن يعد منافيا لجميع الأعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة ومخالفا لقرارات مجلس الأمن بما في ذلك القرار 2216 الذي لم يجز العدوان والحصار البري والبحري والجوي المفروض على المواطن اليمني”.
وأشار إلى أن قرار إيقاف الرحلات وإغلاق مطار صنعاء الدولي يتنافى أيضا مع نصوص اتفاقية منظمة الطيران المدني (الايكاو) والتي أكدت على سيادة الدولة الكاملة على مجالها الجوي .
وأضاف العنسي في المؤتمر الذي عقد بعد أسبوعين من إعلان الحظر الثاني للعدوان ” إن إخضاع رحلات الخطوط الجوية اليمنية أو أي شركة طيران أخرى ترغب بالهبوط في مطار صنعاء الدولي للتفتيش في مطار بيشه السعودي إجراء غير قانوني وغير أخلاقي ومخالف للاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة “.. مؤكداً أن طلب دول تحالف العدوان موافاتها مسبقا بأسماء وبيانات المسافرين يعد انتهاكا صارخا للسيادة اليمنية.
وأوضح أن إيقاف حركة الركاب من وإلى مطار صنعاء الدولي قد زاد من معاناة وحصار الشعب اليمني في الداخل والخارج كونها ذات طابع إنساني بحت وأغلبها حالات مرضية.
وذكر القائم بأعمال وزير النقل أن الإحصائيات الأولية تشير إلى وجود سبعة آلاف و600 مسافر عالق خارج الوطن يرغبون بالعودة بعد أن تقطعت بهم السبل بالإضافة إلى نحو تسعة آلاف و500 مواطن داخل البلاد بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج ومعظمهم حالات مرضية حرجة، إلى جانب الطلاب المبتعثين إلى الخارج الذين سيحرمون من الالتحاق بمؤسساتهم التعليمية ، فضلا عن عرقلة مصالح الكثير من رجال الأعمال.
وأشار إلى أن التداعيات والآثار اللا إنسانية للحظر الجوي لا تقل عن تلك الناجمة عن تعليق الرحلات الجوية إلى جميع المطارات اليمنية لأكثر من ثلاثة أشهر في بداية العدوان.
وطالب القائم بأعمال وزير النقل عبدالله العنسي المجتمع الدولي والأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والمنظمات الإقليمية ومنظمات المجتمع المدني ذات الصلة بتحمل مسئولياتها والتدخل السريع لإيقاف هذه الممارسات اللا إنسانية واللا أخلاقية المخالفة لجميع الأعراف والمواثيق الدولية والضغط باتجاه استئناف الرحلات من وإلى مطار صنعاء الدولي وضمان عدم تكرار ذلك في المستقبل وكذا عدم اخضاع الرحلات للتوقف في مطار بيشة، وإلغاء الإجراءات المجحفة بحق المسافرين اليمنيين في المطارات العربية.
من جهته أكد رئيس الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد محمد عبدالقادر أن الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان مخالفة لاتفاقية شيكاغو، وأن الغرض من تحويل الرحلات يهدف إلى تعميق الحصار الاقتصادي وزيادة معاناة المواطنين، وتعريض حياتهم للخطر وخلق حالة من التذمر.
ولاتنتهي المعاناة لدى آلاف اليمنيين العالقين في مطارات الخارج فحسب إذ أن هناك مايقارب من أربعة آلاف يمني عالقون في بلدهم يريدون السفر للخارج من أجل استكمال دراستهم وبعضهم لطلب الرزق، جاء الحظر ليضيف على عاتقهم معاناة أشد، وجاء أيضا ليقيد حرية أكثر من 27 مليون يمني من التنقل والسفر.
يقول الناشط الحقوقي أكرم النجار: “المعاناة الانسانية كبيرة لدى الناس، في بداية العدوان تم إغلاق المطار حوالي 4 شهور متواصلة، كان عشرات الآلاف من المواطنين عالقين في الخارج”.
ويضيف “رغم المطالبات الدولية للمنظمات الاغاثية برفع الحظر والكف عن استهداف المطارات اليمنية لتسهيل إيصالها المساعدات الإنسانية، إلا أن العدوان لم يستجب، وهو ما يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي والإنساني”.
ويؤكد النجار ” تعيش العشرات من الأسر العالقة فصولا من المعاناة بسبب نفاد ما بحوزتها من نقود كانت تكفي للعيش مدة معينة في بلد السفر.. هم الآن بدون غذاء ومأوى وسمعت أن البعض منهم لجأ إلى التسول”.
يشار إلى أن العدوان السعودي لم يفرض حظرا جويا على رحلات الطيران فحسب بل عمد إلى تدمير 14 مطارا مدنيا عن طريق قصف طيرانه الحربي لها طيلة العام ونصف، مسببا خسائر فادحة تصل إلى نحو مليار دولار.
كما يطبق حصار العدوان كماشته الغبية على جرحى العدوان والحرب بعد أن حولهم إلى سجناء داخل أوجاعهم وأنين التمني بالخروج من البلد إلى قطر عربي لتلقي العلاج خاصة أولئك الذين تقطعت بهم سبل علاجهم في الداخل بسبب تدهور أداء القطاع الصحي إثر العدوان والحصار.
وفق تقرير طبي أعدته الباحثة منال الجندي، هناك أكثر من 274 حالة بحاجة إلى تركيب مفاصل صناعية تعيدهم إلى قطار الحياة ولو بإعاقات جزئية وغيرهم ينتظرون طابوراً طويلاً لا يتحرك في الوقت الحالي بسبب الحظر الجوي الذي يفرضه تحالف العدوان .
محمد الأسطى البالغ من العمر 38 عاماً فقد عينه اليمنى بشكل كامل بسبب الشظايا التي تطايرت على منزله أثناء قصف صاروخي لطيران التحالف على حي الذي يقطنه شمال العاصمة صنعاء..
فيما تعاني عينه اليسرى من نزيف حاد بالشبكية وهذا ما يجعله مهدداً بفقدان بصره بالكامل إذا لم يتم معالجته بشكل سريع.
يقول بأسى بالغ: قرر لي الأطباء السفر إلى الخارج لتلقي العلاج لكن ظروفي لا تسمح لي كون السفر يحتاج إلى مبلغ كبير.
اضطر محمد إلى رهن بيته من أجل الحصول على المال الذي يحتاجه لعلاجه في الخارج؛ ومع ذلك لم يتمكن من السفر بسبب العدوان.
فاروق سريع 42 عاما هو الآخر خاض حرباً طويلة مع آلامه بشكل صامت وهو يرقد حالياً في مستشفى الثورة بصنعاء بعد أن خضع لثلاث عمليات جراحية في القلب كان يمكن أن يخضع لها في الخارج غير أن حظر العدوان للسفر حال دون ذلك؛ ففارق الحياة الأسبوع الماضي.
ثمة جرائم حرب أخرى وكثيرة لتحالف العدوان في اليمن يقوم بها غير تلك المتمثلة في قصف المنازل والمدارس والمستشفيات تأتي في مقدمتها تعمده سرقة فرص إعادة الحياة إلى أجساد الآلاف ممن هم بحاجة لذلك.