من الذي فرط بالآخر ؛ اليمن أم السعودية ؟!!
بقلم /الشيخ عبدالمنان السنبلي .
من خلال الرجوع إلى تاريخ العلاقة بين اليمن و السعودية منذ نشأة الأخيرة هذه، لوجدناها من الجانب اليمني تتسم بالمسالمة و محاولة إبراز حسن النوايا دائماً حيث لم يصدر أي موقفٍ عدائي من اليمن قط تجاه السعودية .
على العكس من ذلك فقد ظلت السعودية و مازالت تتدخل في كل شئون اليمن بصورة سلبية جداً تقابلها ببعض المساعدات ما بين فترة و أخرى كنوعٍ من التفضل أو الإستعلاء الأمر الذي أدي في كثير من الأحيان إلى إندلاع مواجهات و حروب أهلية بين اليمنيين أنفسهم بفعل هذا التدخل بدأت بحرب الخمس سنوات في ستينيات القرن الماضي و إنتهاءً بعدوانها اليوم على الشعب اليمني …
من هذا المنطلق و برغم كل الأزمات و الحروب التي كان للسعودية الدور الأساسي في إذكاء و إشعال نارها، ظل اليمنيون يحرصون على ديمومة العلاقة بين الدولتين الجارتين ، فلم يجدوا فرصةً إلا و حاولوا فيها التقارب مع المملكة السعودية و من وراءها دول الخليج على إعتبار أن اليمن هي العمق الإستراتيجي لدول الجزيرة العربية بشكل عام …
لقد آثرت اليمن في عام 2000 التنازل عن حقوقها المشروعة في السيادة على أراضيها في ما كان يعرف بالمخلاف السليماني ( نجران، جيزان، عسير ) و التي هي جزء لا يتجزأ من الأراضي اليمنية في مقابل الدفع بإتجاه إستمرار و إستقرار العلاقة بين البلدين و كمحاولة لكسب ثقة و خطب ود الطرف الآخر لعله يكف عن محاربة اليمن إقتصادياً و سياسياً و ذهبت إلى التوقيع على إتفاقية ترسيم الحدود المجحفة في مدينة جدة في 12 إكتوبر من العام نفسه كمحصلة للجهود المبذولة لإحتواء تداعيات ما قبل التوقيع على مذكرة التفاهم في شهر رمضان 1995، و مع ذلك إستثمر السعوديون ذلك التوقيع و بدأوا بإنشاء جدار عازل على طول الخط الحدودي كما قاموا بالتشديد و التضييق على دخول اليمنيين و ملاحقتهم بكل الأساليب القمعية و الهمجية…
قامت اليمن على إثر ذلك التوقيع بالتقدم إلى مجلس التعاون الخليجي بطلب العضوية الكاملة و الإندماج في المنظومة الخليجية ليواَجَه ذلك الطلب بالتعنت و المماطلة حيناً و بالإستعلاء حيناً آخراً ليجد الملف اليمني طريقه ممهداً إلى سلة المهملات !!
طالبناهم ذات يوم بمشروع مارشال خليجي في اليمن للنهوض بإقتصاد اليمن و تأهيله إلى الحد الذي يرونه مقبولاً للحاق بركبهم الإقتصادي و الإجتماعي و المعيشي حتى تتمكن اليمن بعدها من الإندماج في المنظومة الخليجية كما كانوا يشترطون، إلا أنهم قابلوا هذا الطلب بالسخرية و الإستهزاء و ألقوا به جانباً و لم يلتفتوا إليه …
كانت اليمن تنظر إليهم دوماً كإمتدادٍ طبيعيٍ لها لا يمكن أن تُقطّع أوصاله الثقافية و الإجتماعية أي عقباتٍ أو مصاعبٍ أو يفصم عراه أي طارئٍ مهما كان شكله أو حجمة، إلا أن السعودية و دول الخليج مع علمهم بأن اليمن هو العمق الإستراتيجي لهم ظلوا ينظرون إليها كحديقة خلفية لهم أو كمكبٍ لنفاياتهم لا جدوى من الإهتمام بها أو الإلتفات إليها !!
و اليوم و قد ذهبت اليمن بعيداً عنهم تبحث عن فُرص البقاء و العيش الكريم و بمعزلٍ عنهم، هاهم يشنون عليها عدواناً غاشماً و يفرضون عليها حصاراً خانقاً و ظالماً في محاولةٍ منهم لإعادة اليمن إلى حظيرتهم و تحت وصايتهم بعد أن أدركوا أهميتها و خطورة إبتعادها عنهم، ليقطعوا بذلك العدوان آخر شعرةٍ و إلى الأبد كانت لاتزال تربط بين اليمن و السعودية و من حالفها من دول الخليج !!
فلا تتباكوا اليوم على ضياع اليمن و خروجها من تحت عباءتكم، فأنتم من أضاعها و فرط بها و عليكم أن تتحملوا وحدكم نتائج حماقاتكم و إستكباركم، فاليمن بعد العدوان لن تعود لكم كما كانت قبل العدوان !! #معركة_القواصم