عشوائية القصف و تقنين عملية الرد .

بقلم  / الشيخ عبدالمنان السنبلي .
لاشك أن أكثر من عشرين شهراً من العدوان تعُتبر كافيةً لأي باحثٍ أو متابعٍ أن يرسم الملامح العامة و العريضة لما تمخضت عنه عاصفة بني سعود و ضعف حزمهم حتى الآن و ما ستئول إليه من نتائج في نهاية أمرها
فمن خلال الإستراتيجية العامة و حُزَم التكتيكات الآنية التي إتبعها طرفا المعادلة يتضح أن هنالك مدرستان عسكريتان الأولى (مُقلِّدة) أو بالأحرى (متشبهة) بمدرسة عسكرية من نوعٍ ما، و الثانية تكاد تكون فريدة من نوعها و لا يوجد لها مثيلٌ في عالم الحروب .
إعتمد السعوديون في إستراتيجيتهم لإدارة العاصفة على المدرسة الأمريكية أو الغربية بشكل عام محاولين إستنساخها و تقليدها حتى على مستوى إطلاق الأسماء و الصفات على المهام القتالية و العملياتية ( عاصفة الحزم، السهم الذهبي، السيل الجرار…) و غيرها من المسميات المستوحاة من العقلية الأمريكية و طريقة تفكيرها .
كما ان من خصائص المدرسة الأمريكية هو عدم خوض الحروب مع أي طرفٍ مهما كان حجمه أو ضعفه بشكلٍ منفرد، و إنما في إطار تحالفاتٍ يضم عدة دول مشاركة و لو حتى بشكلٍ رمزي، و هذا بالطبع ما فعله السعوديون حيث أنهم لم يذهبوا إلى عدوانهم منفردين و إنما في إطار تحالفٍ ضم أكثر من عشر دولٍ مشاركةٍ بشكل مباشر و أخرياتٍ بتقديم الدعم اللوجستي و المعنوي .
و من خصائصها أيضاً الإعتماد على الضربة الأولى المباغتة و المفاجئة بشكل هائل و واسع لإرباك الخصم و شل قدراته، و هذا بالضبط ما قام به السعوديون في ليلة 26 مارس 2015 .
و من خصائص هذه المدرسة كذلك هو عدم التقيد بضوابط أخلاقية او محددات قيَمية توجه خط سير الحرب، فترى المنتمين أو المقلدين لها يعتمدون في حروبهم على سياسة الأرض المحروقة و إستخدام الأسلحة الفتاكة و الكثافة النارية العالية و أساليب الترهيب و الترويع و إستهداف المدنيين و الأبرياء و ممارسة سياسة التعتيم الإعلامي على ما يرتكبونه من جرائم ضد الإنسانية و كذلك التعتيم على ما يتكبدونه من خسائر من خلال إخفاء معظمها و التقليل من شأنها و كذلك الإستعانة بضعفاء النفوس من مواطني الدولة الخصم و توظيفهم لصالح حربهم تحت عناوين ساحرة و جذابة كالتحرر و الديمقراطية و نصرة المظلومين و إعادة الشرعية و الكثير من العناوين الأخاذة بالإضافة إلى تقديم الرشا و شراء الذمم و المواقف الدولية و المنظمات المدنية و الحقوقية .
في المقابل فقد إعتمد اليمنيون في إستراتيجيتهم لمواجهة العدوان رغم شحة الموارد و الإمكانات لديهم على مدرسة يمنيةٍ فريدةٍ من نوعها و ذلك من خلال إتباع إستراتيجية النَفَس الطويل و الأناة و عدم الإستعجال في ردة الفعل المتشنجة و المتسرعة بالإضافة إلى التسلح بالصبر و الثبات و التحلي بالشجاعة و الإرادة و كذلك إنتقاء الأهداف العسكرية بعناية فائقة و حسن إختيار السلاح المناسب في الزمان و المكان المناسبَين و ترشيد إستخدامه و كذلك التركيز على الجوانب الإيمانية و العقائدية من خلال الإتكال و الإعتماد على الله و التقيد بمنظومة قيم عسكرية و أخلاقية عالية، فتراهم يكرمون الأسير و لا يتعرضون لمن يفر من جنود العدو و حتى على مستوى علم دولة الخصم فلا يهينونه أو يمزقونه أو يلقونه جانباً عندما يستبدلونه بالعلم اليمني في المناطق التي يستولون عليها بعد فرار و إنكسار جيش العدو و الشواهد من ذلك كثيرة و ماثلة للعيان .
من هنا يتبين حجم الفرق بين من يمتلك من القدرات و الإمكانات العسكرية و اللوجستية مالم يمتلكه أحدٌ في المنطقة من قبل إلا أنه يفتقر إلى الرؤية الواضحة الوسيلة و المعالم و الأهداف، و بين من يعاني نقصاً حاداً في الموارد و العتاد إلا أنه يمتلك مخزوناً من الإرادة و المبادئ و القيم و الشجاعة و البطولة يفوق مخزون عدوه من النفط و الغاز نابعاً ذلك كله من عدالة قضيته و حقه في الدفاع عن أرضه و شعبه، فلا يستويان !

#معركة_القواصم