الشعوب بين العمالة والنفاق
بقلم/وليــــــــــــدالحســــــــــــام
العمالة والنفاق قناعان لوجهٍ واحد .. فالعميل والمنافق كلاهما يُبطن الشر والحقد والعداوة ويُظهر عكس ذلك ، وكلاهما لايمتلك من الشجاعة ما يُمكّنه من تقديم الموقف وإبداء الحقيقة التي تضمرها غريزة الخوف والذل التي تتغلب عليه بسبب تمسكه بها، فيلجأ إلى أساليب ماكرة يحتال بها على الآخرين في سبيل تحقيق غاياته القبيحة متهرباً من أن يضع نفسه على محكّ الموقف الذي يحتاج إلى الكثير من الشجاعة والحرية .
الهدف السامي لا يقبل الالتفاف على القيم الإنسانية وبيع النفس من أجل تحقيقه، وإن تم تحقيقه بالالتواء الذي يخرج عن سياق النزاهة إلى هوامش مظللة بغطاءات تمويهية فإن ذلك الهدف يفقد قيمته ، ويصبح عدمه أحسن حالاً من وجوده .
حركات البهلواني الذي يخدع بها الآخرين على المسرح لإمتاعهم وإضفاء ملامحهم بالدهشة هي في الحقيقة ليست من أجل ذلك كما يعتقد جمهوره الذي يصفق له بحرارة ويتحمس في تلك المقاعد الأنيقة، وليس الهدف الحقيقي للبهلواني هو تفاعل الجمهور وفقاً لمقاييس أهداف مشاريع التنمية الاقتصادية ومشاريع التقسيط المريح .
الأقلامُ التي تنفثُ سُمّها من خلال الصفحات الورقية أوالإلكترونية تؤدي دوراً تقليدياً يحاكي دور الشائعات التي تم تداولها مع بداية ظهور الإسلام وما يشبه الأقلام تلك هو الصمت في زمن التكنولوجيا والرسائل السريعة والأصوات المعبرة عبر مواقع التواصل الاجتماعية، حتى أنه (الصمت) أصبح طرفاً في كل الصراعات الناشبة بين طرفين أو أطراف متعددة، ورؤية أصحاب هذا الطرف المُغلّف بمزاعم الحياد تعني في حقيقتها انتظار البوصلة لكي تحدد لهم الاتجاه صوب اليد الأقوى ، كل هذه الوسائل تحقق نتيجة واحدة مبدأها مصلحةٌ ما ، وأهدافها فارغة من القيمة كيفما كانت مادامت قائمةً على أساس الخديعة والتحايل على موقف الانتصار للحق .
حتى على مستوى الأمم _على الرغم من اتساع حجمها _ فإنها قد تعلّق مصيرها بحالة النفاق السائد فتسلك طرقاً إلى التشتت وتصبح طُعماً سائغاً تلتهمه مشاريع الهيمنة بسهولة .. على سبيل المثال نجد أن الشعوب العربية في الحقبة الزمنية الحالية قد اعتادت على اليأس من الدفاع عن قضية فلسطين ، وصار خذلانها لهذه القضية التي تذبح كل وريدٍ عربي حالة عادية حتي في نظر الأجيال الحديثة ،، سياسة الأنظمة العربية هي التي خلقت في الشعوب هذا التخاذل واليأس اللذين يستفيد منهما الحُكّام في تسوية علاقاتهم مع الكيان الصهيوني المشهور بأنه يجيد لُعبة التآمر والإطاحة بالعروش دون أن يظهر في الواجهة ، كل النتائج الفاشلة لاجتماعات القِمم العربية الكثيرة أفرزت مفاهيم سلبية لدى المواطن العربي، وجعلته يشعر بعدم الجدوى من التفكير فقط في قضيته ، ولم تثمر كل تلك الاجتماعات التي عقدتها جامعة الدول العربية سوى استهلاك القضية ووضع الشعوب في حالة تَرَقُبٍ لقضايا جديدة فكانت القضايا قد تم إعدادها من قبل الأعداء الحقيقيين للعرب في مطابخ تمزيق العرب، وتم تقديمها على طاولة عربية والأكلة غربية تم تغطيتها بما سُمي بالقاعد وداعش ، وانتقل الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي عربي يشرف عليه المستفيدون منه ، وفي هذه الأثناء تقزّم المنجرون على حبال النفاق وتلكأت أقلامهم وتعرّوا عن تلك الأقنعة التي تستروا بها لتغطية قبحهم .
لا يستغني الحق عن الضمائر المتمسكة به والمدافعة عنه، ولا يمكن أن تتخلى الأصوات الحرّة عن مبدأها في الوقوف مع الحق ونصره ، ولن تتخاذل مهما كان حجم النفاق حيث يظهر المنافق في هيئة المنتقد ليتهمها بالتّعصب والتشدد مع الحق، لكن وعي الأحرار بلغ من الإدراك ما يجعلهم يتعصبون للحق فمن الطبيعي أن يتعصب الشرفاء والأحرار مع الحق لكن الغريب هو انزعاج الآخر من ذلك وما يبدو غير طبيعي هو أن يجد المرء من يتهمه بالتعصب مع الحق لعله أن يتراجع عن موقفه ليحل الصمت والخذلان والباطل مكان الحق وهذا هو ما يسعى إليه من باع نفسه ليكون أداةً شيطانية تخدم أعداء الحياة والحاقدين على الإنسانية .
ــــــــــــ ــــــــــــ ــــــــــــ ــــــــــــ
#وليــــــــــــدالحســــــــــــام
ــــــــــــ ــــــــــــ ــــــــــــ ـــــــــــ