حشود الأمس.. وحوار الغد..
عاصم السادة
مر عام من العدوان السعودي الغاشم على اليمن دمر خلاله كل مقومات الحياة اليمنية هكذا بلا هوادة دون مبرر منطقي ومسوغ ديني وقانوني وإنساني وأخلاقي..
حيث لا يزال يتخبط بين الفينة والأخرى يبحث عن حجة قوية يشرعن حربه الظالمة على شعب فقير لا حول له ولا قوة.
فكل الحجج التي يسعى العدوان إلى تقديمها وتسويقها للعالم كمبرر في قتل اليمنيين وتدمير بلد بكل مقدراته ومكتسباته واهية ولا تستدعي لشن حرب بهكذا وحشية بربرية لم ترع حتى حق الجوار الجغرافي كأقل تقدير.
فليست “الشرعية” التي تدعيها السعودية ولا المد الإيراني كما يزعمون سببان في حربها على اليمن ولكن ثمة أحقاد دفينة توارثها البيت الملكي من مؤسس المملكة السعودية عن اليمن.
كانت تعتقد السعودية منذ الوهلة الأولى منذ بدء ما تسمى “عاصفة الحزم” وحربها على اليمن أنها قادرة على حسم المعركة غضون أسابيع معدودة وهذا ما جاء على لسان ناطق جيش السعودية أحمد عسيري حيث كانوا يتصورون أن الحرب ستكون بمثابة نزهة ولن تنعكس خطورتها عليها وتمتد نحوها.. ولعل هذا ما غاب في ذهنية العقل العسكري لدى قوى العدوان الهشة ولم تتنبه لها إلا مؤخراً.!
لقد حاول ولايزال تحالف العدوان الذي تقوده السعودية أن يحققوا أي انتصار عسكري على الأرض اليمنية ولو إعلاميا لكن المفاجأت على الواقع كانت أبلغ رسالة رد يوجهها الجيش واللجان الشعبية للغزاة والمرتزقة في دحرهم وإلحاق الهزيمة بهم على امتداد الجبهات الداخلية وفي عمق الأراضي السعودية بالإضافة إلى درء التكهنات الوهمية التي تتعمد وسائل إعلام العدو ترويجها.
مر عام على العدوان ولايزال الشعب اليمني الصابر والصامد متحديا ومستعداً لتقديم التضحيات من أجل الكرامة والسيادة اليمنية وعدم العودة إلى مربع الضعف والوصاية الخارجية؛ فالقرار اليوم صار يمنيا خالصا.. وهذا ما عبرت عنه الحشود المليونية في ساحتي الشرف والعزة (السبعين والستين”، فقد مثلت لوحة وطنية كبرى عكست مدى بسالة الإنسان اليمني وحبه لوطنه وعزمه الذي لا يوهن ولا يتوانى أمام كل هكذا عدوان عالمي وصمت دولي مريب حيال المجازر الإنسانية اليومية التي تُرتكب بحق اليمنيين.
مر عام من القتل والتدمير الممنهج والحصار الجائر بحرا وبرا وجوا ولاتزال الحياة تدب في أرواحنا لأننا نؤمن بقضيتنا الوطنية العادلة التي لا يمكن أن ننثني عن نصرتها أو نساوم على حسابها وكل الدماء التي ضحت من أجل الوطن وأرواح الأبرياء التي سقطت نتيجة العدوان.
مر عام من المناورات السياسية لإيجاد حل جذري لوقف الحرب والدخول في مرحلة الحوار السياسي ومع كل نقطة حوار كانت القوى الوطنية ممثلة بأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام يتفاعلان معها إيجابيا من منطلق أن لا حرب تستمر ولا خصومة دائمة لكن القوى اليمنية الهاربة في “الرياض” لا تمتلك القرار السياسي في ايجاد الحل والاتفاق وبالتالي فإن السعودية كانت تسعى لإفشال أي مسار سياسي، أكان في (جنيف1 او 2) وبقيت تراهن على الحل العسكري رغم إخفاقها وتعثر رهانها حتى اللحظة في ميادين الشرف والبطولة.
اليوم يعلن المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ عن جولة حوار جديدة ستعقد في 18 أبريل القادم في الكويت بين الأطراف اليمنية شريطة أن يسبقها وقف الحرب وإطلاق النار الكلي قبل بدء المفاوضات وهذا ما نتمناه في تحقيق السلام لكن نخشى أن يظل العامل الخارجي هو المؤثر والمقرر كما حدث في الحوارات الماضية، وإذا كان كذلك فإن مصير المفاوضات القادمة محكومة بالفشل.
ما يريده كل يمني من الحوار القادم أن يكون لدماء الشهداء الاعتبار الأول والهدف السامي الذي ضحوا في سبيله وهو ألاّ عودة للتبعية، وأن تكون العلاقة القادمة مع دول تحالف العدوان وغيرها مبنية على الندية السياسية وتبادل المصالح الاقتصادية دون مجاملات وحسابات خارجة عن السياق الوطني.
وعلى العالم برمته أن يعي ماهية الرسالة التي وجهها الشعب اليمني في يوم إحياء مرور عام من العدوان في الساحات اليمنية بكل تفاصيلها لأن اليمنيين لم ولن يقبلوا بعد اليوم أن يفرض عليهم الإملاءات الخارجية، أو الشخصيات التي تفقد المشروع الوطني ولا تحمل هم القضية اليمنية ولا تؤمن بوحدة أراضيه وسلامة مواطنيه.