جبل نقم يتعرض لأبشع أنواع القصف وأيام عصيبة تواجه سكان صنعاء
جبل نقم يتعرض لأبشع أنواع القصف وأيام عصيبة تواجه سكان صنعاء
- إستشهاد 120 مواطناً وإصابة أكثر من 200 ونزوح كبير من أحياء نقم ومسيك وسعوان
- خوف وهلع أصاب المرضى في مستشفى الثورة العام جراء سقوط قذائف عليه وتساقط الزجاجات في أقسامه
المسيرة محي الدين الأَصبـحي:
الحادي عشر من شهر مايو 2015 سجَّل التَّأريخ في أنصع صفحاته أبشَعَ جريمة “حقد” للعُـدْوَان السعودي الأمريكي على الـيَـمَـن, وذلك باستهداف جبل نقم.
المشهد كان مروعاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى, انفجارات متواصلة, أدخنة تتصاعد إلى السماء بألوان متعددة تبدأ باللون الأسود, ثم الأصفر, وحتى الأبيض, واشتعال النيران لا يتوقف حتى للحظة واحدة.
في أسفل جبل نقم, تعدد سكاني كبير, ولهول القصف, اضطر السكان الصامدون إلى الهروب والنزوح؛ حفاظاً على سلامتهم, فيما فضّل البعضُ البقاء مستبسلاً صامداً رغم المخاطر التي تحيط به, وبين الأنقاض ألف حكاية وحكاية, ومآسٍ كثيرة, وأشلاء متناثرة, ومنازل مدمَّرة وأضرار كبيرة.. إنه الجنون السعودي الأمريكي أو كما يقال الهستيريا اللعينة.
120 مواطناً استشهدوا نتيجة هذا القصف, فيما أصيب أَكْثَـر من 200 آخرين, ونزحت المئات من الأسر, ومن بين الشهداء والمصابين نساء وأَطْفَـال وكبار في السن لم ترأف بهم السعودية في عُـدْوَانها.
في هذا اليوم الحزين اكتظت المستشفيات بالمئات من الجرحى والعشرات من الشهداء ورفعت مكبرات الصوت بالاستغاثة وإنقاذ الجرحى بعد أن استخدم طيرانُ العُـدْوَان السعودي الصهيوأمريكي سلاحاً شبيهاً إلى حد كبير بالسلاح الذي استخدم في ضرب منطقة فج عطان في العشرين من الشهر الماضي, كما ازدحمت الشوارع بالصراخ والبكاء من المواطنين الذين شهدوا هذه الجريمة المروعة التي لم تصل نارها إلى منطقة نقم فحسب بل امتدت نارها إلى كثير من أنحاء العاصمة.
الهلع الذي أصاب سكان نقم والمناطق المجاورة كان أشد من الموت, كما يعتبره المواطنون الذين التقيناهم والذين نزح منهم الكثير من منطقة نقم, وشعوب, وسعوان وصنعاء القديمة, والسائلة إلى خارج صنعاء، ومنهم مَن نزحوا إلى أطراف العاصمة وبعضهم إلى المدارس وَالجوامع، واستمر النزوحُ حتى الصباح, وفي اليوم الثالث عادت الكثير من الأسر النازحة إلى منازلها رغم الخوف والهلع الذي ما زال يسكنهم، مؤكدين صمودهم ومزيداً من التضحيات.
مأساةٌ من الجريمة
المسعفون: مشاهد ومواقف موجعة لم يسبق لنا بهذه الخصوصية أن نكون فيه أو شاهدناها على العيان بصورة مباشرة! كومة جثامين من النساء البريئات وأَطْفَـالهن من أسرة واحدة هي أسرة البحري في منطقة مسيك التي اكتوت بنيران العُـدْوَان السعودي الغاشم على جبل نقم والتي استهدفها صاروخٌ اخترق المنزل ليستقر في أجساد 14 من النساء والأَطْفَـال في مكان واحد أثناء احتفال هذه الأسرة بمناسبة ما يسمونه “الولاد”، فقد استشهد 6 من الأَطْفَـال والنساء فيما جُرح 8 من النساء والأَطْفَـال، وما يزالون في مستشفيات العاصمة.
أسرة البحري التي قضت في انفجار نقم كانت إحدى نماذج القتل والحقد الذي ارتكبها العُـدْوَان السعودي والذي جعل الأَطْفَـال والنساء بنكاً لأَهْـدَافه الجبانة..
في هذه الجريمة المروِّعة يصف عضو المجلس المحلي السابق في منطقة مسيك الشيخ/ محمد الأبيض الذي كان أحد المسعفين: كانت جريمة مروعة وبشعة قتلت النساء والأَطْفَـال وهم آمنون في بيوتهم وشردت المئات.
وقال الأبيض: اصطحبت سيارة الاسعاف وكنا نعتقد بأن الإصابات ستكون بسيطةً، فعندما دخلنا المنزل وجدنا جُثَثَ النساء والأَطْفَـال متراكمةً فوقَ بعضها ومتناثرةً أشلاؤها في المنزل، بعضها قد توفي والبعض الآخر في حالة احتضار, كان مشهداً مروعاً ينقل مدى حجم الجريمة والحقد الأسود لهذا العُـدْوَان البائد, فقمنا بإسعاف الأسرة إلى أَكْثَـر من مستشفى. مضيفاً: إنه منظر مؤلم ومحزن ومع ذلك لن يزيدنا هذا المصاب إلَّا صموداً وصبراً وإصراراً على الاستمرار في التحشيد والتعبئة النفسية والفكرية والمادية والتضحية بالغالي والنفيس, ويستحق كُـلّ ذلك في سبيل الحفاظ على حرياتنا وكرامتنا وسيادتنا وعزتنا ومقدساتنا.
ويؤكد عضو المجلس المحلي الشيخ/ محمد الأبيض بالقول: هيهات لهم أَن نترك عاصمتنا ومنازلنا حتى وإن ضربونا بالنووي، وهم حقاً ضربونا بسلاح محرم ونووي، هكذا شاهدناه فحسبنا الله ونعم الوكيل وهو مولانا وحسبهم ومولاهم الشيطان الاكبر واذياله.
إستهداف الإعلاميين
رضوان السماوي أحد الإعلاميين الذين استهدفتهم آلة الغدر السعودي الغاشم جراء جريمة نقم المروعة الاثنين المنصرم.
الزميل السماوي كان على انتظار ساعات قليلة على موعد الإفطار هو وأسرته، وفجأةً سقط صاروخ على المنزل، مما أدى إلى إصابته إصابة مباشرة وتهدم بعض أجزاء المنزل عليهم، مما تسبب في تمزق شرايين قدمه، الأمر الذي دفع بالأطباء إلى بتر قدمه اليُمـنى وهو يرقد حالياً في العناية المركزة, كما أصيبت والدته أَيْـضاً، مما تسبَّب في كسر أضلاعها وإصابات أخرى أدخلت إلى العناية المركز في مستشفى الكويت ولم تخرج إلَّا في اليوم الثالث, كما أصيبت اثنتان من شقيقاته بجروح خطيرة.
منصور السماوي: زرناه في مستشفى الثورة في قسم العناية المركزة وحالته خطيرة.
وأثناء حديثنا مع أحد أعمامه أوضح عمه ماجد السماوي قائلاً: صاروخ اخترق منزل ابن اخي بينما كان ينتظر ساعات لتناول وجبة الإفطار, ولم نعلم إلَّا بعد ساعات من وصوله إلى المستشفى، أما والدته وأخواته فتم إسعافُهما إلى مستشفى الكويت الجامعي. مضيفاً: وفي نفس الليلة قرر الأطباء بتر قدمه الـيَـمَـنى؛ بسبب تقطع الشرايين, وقد تم قبر قدمه في اليوم الثاني.
ويقول الأطباء: نتيجة للحصار الجائر الذي يفرضه العُـدْوَان السعودي تصل إلينا حالات حرجة يتطلب علاجها ونقلها إلى الخارج إلَّا أننا لا نستطيع نقلهم إلى الخارج بسبب عدم السماح لنا بنقل أية حالة إنسانية طارئة إلى الخارج مما يؤكد حقد واستهداف مباشر من قبل العُـدْوَان السعودي للمواطن الـيَـمَـني الذي يلاقي الموت نتيجة هذا العُـدْوَان الظالم.
ترويعٌ للإنسانية
طه فيصل ممرض في مستشفى الثورة العام بصنعاء كان متواجداً أثناء قصف العُـدْوَان السعودية على منطقة جبل نقم وعن الآثار الكبيرة التي ألحقها العُـدْوَان على مستشفى الثورة بصنعاء يقول: لقد تضررت كُـلّ الأقسام في المستشفى جراء الانفجار وهرب المرضى من غرفهم, كما وصلت قذيفتان إلى حوش المستشفى كادت تودي بحياة الكثير.
مضيفاً: خلّف العُـدْوَان هزةً أرعبت الموظفين والمرضى، فأكثر المرضى هربوا وباتوا في الطابور يتخبطون في كُـلّ مكان جراء الخوف والفزع، حينها حاولنا أن نبعد المرضى عن دائرة الخطر؛ بسبب وصول قذائف إلى حوش المستشفى، فتساقطت الزجاجات في صالات وأقسام المستشفى، كما تأثر ديكور المستشفى في كثير من أقسامها.
وزاد فيصل بقوله: لا يمكن استهداف أَية مراكز صحية أو وحدة صحية في أَي حال من الأحوال؛ لأننا نقدم خدمة طبية وإنسانية ولن نتزحزح من المستشفى مهما كان صلَفُ العُـدْوَان ومهما كانت جرائمه، فنحن باقون في المستشفيات حتى لو استهدفوها مباشرة.
إستهدافُ مستشفى الثورة العام
حتى المستشفيات لم تسلم من الاستهداف والترويع فهذا مستشفى الثورة العام بصنعاء والذي يبعُدُ عن جبل نقم أقل من 2 كيلو تعرض للأضرار، فقد وصل تأثير القصف العُـدْوَاني على جبل نقم بأَسْلحَة محرمة إلى مبنى المستشفى التي تضررت مبانيها بشكل كبير وتحتاج إلى ترميم واسع.
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور عبداللطيف أبو طالب نائب مدير هيئة مستشفى الثورة العام بصنعاء, أن المنطقة المحيطة بالمستشفى تأثرت بأكملها بما فيها مستشفى الثورة التي تبعد عن الانفجار أقل من 2 كم، فقد تأثرت بشكل كامل على المستشفى ابتداءً من قاعدته الرئيسية حتى آخر دور، حيث تضررت كُـلّ الاقسام وأدوات التكييف وتساقط زجاجات المستشفى وتطايرت بعض النوافذ, كما تأثرت مبنى العيادات الخارجية أيضاً.
وأكد أبو طالب أن إدارة المستشفى تواجدت أثناء الانفجار لاحتواء المشكلة ووثقنا كُـلّ الأضرار عن طريق المختصين في كُـلّ الأقسام بحضور الإعلام, وأن عمليةَ الترميم ستتمُّ في جميع الاقسام الحساسة والتي تستقبل أكبرَ عدد من المرضى وسنستعين بالمختصين وَالعُمال من خارج المستشفى وسيكون الترميم على مدار 24 ساعة وبفترة وجيزة وذلك للعودة إلى العمل بسرعة, وأن عملية الترميم تحتاج إلى تكاليف كبيرة جدا سيتم حصرها من قبل المختصين في المستشفى. مضيفاً ليس فقط إعَادَة بناء المستشفى وإنما أَيْـضاً بناء النفوس بسبب الخوف الذي زعزع الكادر الطبي والموظفين وترك حالات رعب واسعة داخل المستشفى, ولذلك نحتاج إلى تأهيل هؤلاء كما تحتاج المستشفى إلى تأهيل واسع والعودة للعمل بوتيرة عالية.
ولفت أبو طالب إلى أن المستشفى يحتاج إلى العمل على مدار الساعة في بناء المستشفى وتشكيل لجان إشرافية على إعَادَة الترميم والاستعانة بمختصين وعمال من خارج المستشفى كُـلّ هذا يتطلب تكاليف كبيرة, كما أن المستشفى معتمد على الدخل الذاتي في تشغيل المستشفى إضافة إلى ميزانية المالية, موضحا بأن الدخل اليومي الذي كان المستشفى يتحصله توقف, ونتيجة العُـدْوَان السعودي الغاشم وجرائمه المتواصلة على الشعب الـيَـمَـني فقد لجأ المستشفى إلى إعفاء كُـلّ المصابين والجرحى وتوفر كُـلّ المستلزمات المقدور عليها والمتواجدة فيها بمعنى أن 99 % من المرضى والمصابين معفيين وكلهم من المصابين جراء العُـدْوَان السعودي. مُشيراً إلى أن المستشفى استوعب منذ بداية العُـدْوَان الغاشم ما يقارب 1400 جريح وشهيد.
حصارٌ مستمر
يحاول العُـدْوَان السعودي الجبان أن يقطع حبل الحياة للشعب الـيَـمَـني بكثير من وسائله العدائية، وذلك من خلال تعمُّده استهداف المستشفيات التي تقدم خدمة طبيةً وإنسانية للمرضى الجرحى، ويقوم باستهداف هذه المستشفيات من خلال إما الاستهداف بالقصف كما حصل لمستشفى الثورة التي تأثرت بشكل كبير أثناء استهداف منطقة نقم, وكذا استهدافها من خلال فرض الحصار عليها ومنع دخول المستلزمات الطبية ودخول المساعدات الطبية إليها وكذا يتعرض المصابون للموت والإعاقة؛ بسبب منعهم إلى السفر للخارج لتلقي العلاج.
وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور/ أنور مغلس في مؤتمر صحفي الأَربعاء الفائت عن استمرار هذا الحصار قائلاً: نتيجة للحصار البري والجوي والبحري للعُـدْوَان السعودي الجبان على الـيَـمَـن فإن معظمَ الشركات الدوائية توقفت عن الانتاج والعمل والتوريد؛ بسبب انعدام المستلزمات الطبية التي منعت من الدخول جراء الحصار وما تبقى لنا من أدوات ومستلزمات طبية هي التي قمنا بشرائها مباشرة من الاسواق واليوم نواجه مشكلة كبيرة في توفير المواد الطبية الضرورية التي يحتاجها المريض.
وأشار مغلس إلى وجود صعوبات في علاج المصابين جراء العُـدْوَان نتيجة نقص الامكانيات والأدوية في المستشفيات والمرافق الصحية بسبب الحصار الجائر المفروض على الـيَـمَـن, موضحا بأن هناك مشكلة أَيْـضاً في الكادر الطبي، حيث غادر ما يقارب 338 أَجْنَـبياً، واليوم هناك كادر محلي يقوم بكل هذه الخدمات وتغطية الوضع الراهن, إضافة إلى بعض الكوادر الأَجْنَـبية المحدودة, وسيتم فتح التسجيل بإعْلَان رسمي من الخدمة المدنية قريباً للكوادر الطبية لاستيعابها في المستشفى، وذلك بالتنسيق مع الخدمة المدَنية ووزارة المالية حتى نصلَ إلى الطاقة الاستيعابية الكاملة للمستشفى لتقديم الخدمة الطبية للمواطن.
وأكد مغلس: كُـلُّ المراكز مفتوحة وتقوم بخدمتها وَمستشفى الثورة لن يغلق مهما كانت الأَسْبَـاب والتحديات ومهما كان حجم العُـدْوَان واستمراره.
تضليلٌ إعلامي وشرعنة ضرب المستشفيات
تحاول بعضُ القنوات التابعة للعُـدْوَان السعودي الأمريكي كالعربية والجزيرة وغيرهما من القنوات المفضوحة، إضافةً إلى قنوات أخرى ومواقع تابعة للإصْـلَاح, وكذا كُتاب يمتهنون العمالة والخيانة، بالإضافة إلى أدوات رخيصة لهذا العُـدْوَان الظالم أن يشيعوا بأن مستشفى الثورة أَصْبَـح مخازنَ أَسْلحَة, وبالتالي يشرعون للعُـدْوَان بقصف مباشر على المستشفى وقتل الأبرياء والزج بالمستشفيات والمراكز الصحية في هذه الحرب العدائية التي تستهدف الـيَـمَـن وَالـيَـمَـنيين بدون استثناء، وهي بجرائمها الشنعاء لا تستثني شيئاً في الوطن فهي تضرب الإنسان ومقدراته.
وفي جريمة استهداف منطقة جبل نقم وصل القصف إلى داخل مستشفى الثورة التي تضررت بشكل كبير وروَّعت المرضى والأطباء والموظفين, واليوم تدعو أدوات العُـدْوَان وعملائه من القنوات والكُتاب بأن المستشفى مخازنَ أَسْلحَة.
وفي هذا الصدد يقولُ الدكتور عبداللطيف أبو طالب نائب المستشفى بأن المستشفى يستقبل 32 ألفاً بين مريض وزائر ومراجع على مدار الساعة وأن استهداف العُـدْوَان السعودي الأمريكي لهذه الهيئة الطبية التي تقدم خدمة طبية وإنسانية فإنها سترتكبُ جريمةً في حق عشرات الآلاف من هؤلاء الذين يتوافدون إلى المستشفى، وحينها ستتم مقاضاة الجميع لهذا الجرائم إذا حدثت لا سمح الله.
وطالب ابو طالب كُـلّ الحقوقيين والقانونيين رفع شكاوي محلية ودولية ضد القنوات التلفزيونية والوسائل الإعلامية وكذلك الكتاب الذين يروجون بأن مستشفى الثورة مخزن ترسانة أَسْلحَة أو مخازن أَسْلحَة, وندعو الجميع بعدم الزج بهذه المستشفى وغيرها من المستشفيات في الحروب والصراعات.
من جانبه أوضح الدكتور نجيب أبو أصبع نائب مستشفى الثورة: بأن هذا الخبر ملفق وكاذب وَسنقوم بالرفع برسالة إلى المنظمات الدولية بكل من يقوم بالترويج بأن مستشفى الثورة مخازن أَسْلحَة وسنقدمهم بالاسم وكل من كتب عن هذا الموضوع لأن هذا الاتهام مخجل وعار ولن نسمح باستمرار هذه المهزلة.
وفي سياق الموضوع أوضح الدكتور أنور مغلس مدير المستشفى بأن هذا الخبر ملفق وَأن أَي شخص يمني يحمل ولائه للوطن لا يمكن أن يحمل هذا الحقد الدفين لهذا الوطن وهذا الشعب المسالم الطيب, ونجدد بأن هذا الخبر الملفق سيقابل بالرد والمطاردة القضائية.