يوم القدس.. وتعالي اليمنيين على الجراح
يتعالى الشعب اليمني اليوم على جراحه وألمه ويعيد توجيه بوصلته التي لم تنحرف قط عن العدو الحقيقي طيلة خمسة عشر شهراً، واجه فيها عدواناً من الجار المسلم رأس الحربة بالنسبة له.
ومع إطلالة الجمعة الأخيرة لشهر رمضان يتقاطر اليمنيون على العاصمة صنعاء المنكوبة بفعل القصف الهستيري منذ مارس 2015م والصامدة أيضاً، يرفعون العلم الفلسطيني لإحياء يوم القدس العالمي والوفاء لفلسطين قضية المسلمين الأولى، وشهدت العاصمة ما يشبه حالة الاستنفار مع تقاطر السكان في ضواحي العاصمة إلى داخلها وتوجه المقيمين في الداخل إلى المكان الذي أعلن أنه سيحتضن الاحتفال المركزي ليوم القدس.
إحياء يوم القدس سبقته كلمة مسائية للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، جدد خلالها موقف أنصار الله الثابت واليمنيين كذلك من القدس وفلسطين، ووجود “إسرائيل” في المنطقة، التي اعتبرها مصدراً لكل الشرور في المنطقة، نقل خلالها مسئولية تحرير القدس من الأنظمة إلى الشعوب التي اعتبرها اليوم شعلة أمل التحرير بالنسبة إلى الأقصى وفلسطين، بعد أن ارتمت الأنظمة في خانة العمالة لتل أبيب وواشنطن، وتحولت إلى خنجر مسموم في خاصرة الشعوب العربية التي تنشد التحرر، واستعادة هويتها وكينونتها الإسلامية والعربية.
واعتبر السيد عبدالملك أن فلسطين تواجه اليوم عدواً مزدوجاً يتمثل في “إسرائيل” التي تحتل الأرض, والأنظمة العربية التي باسم العروبة والإسلام انتقلت من خانة التطبيع والعلاقات السرية إلى خانة التطبيع العلني، بل وتنفيذ الأجندات الصهيونية فيما يتعلق بتهويد القدس، وشن الحروب على حركات التحرر الرافضة “لإسرائيل ووجودها” كما هو الحال مع الشعب اليمني الذي يتعرض لعدوان بربري على خلفية إعلانه العداء “لإسرائيل”.
واقسم قائلا :”والله لو أن شعبنا اليمني هتف بالولاء لإسرائيل وأصبحت قواه الوطنية الفاعلة موالية لإسرائيل، واتجهت باتجاه أمريكا لما شنوا عليه هذا العدوان”، وفي ذلك تأكيد جديد أن السعودية كذبت بشأن عناوين الحرب على اليمن, وليس لها من هدف سوى تقديم الولاء والطاعة للكيان الصهيوني طمعاً في السماح بتولي نجل الملك محمد بن سلمان عرش المملكة والقفز على منافسيه.
ويأتي إحياء يوم القدس العالمي في اليمن فيما يرفع تحالف السعودية من وقع تهديداته بجولة قاسية من القتال في ضوء رفع المشاورات الجارية في الكويت إلى منتصف يوليو القادم، لكنها في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة بجهات القتال تعد جوفاء، فالجيش واللجان الشعبية تمكنا خلال الأيام الماضية من إحراز تقدم مهم في منطقة نهم، وعاد الجيش واللجان الشعبية إلى منطقة فرضة نهم، وأصبح معسكر اللواء 63 بين فكي كماشه، كما شهدت جبهة الجوف تطورات لا تقل أهمية عن جبهة نهم، ووسع الجيش واللجان من حزام الأمان لمحافظتي عمران وصعدة، وفي جبهة تعز شن طيران العدوان ثلاثين غارة أمس الأول بعد تحول زحف لمرتزقته إلى انكسار وهجوم مضاد للجيش، سيطر على إثره على اللواء 35 مدرع والمناطق المجاورة له.
وبالتوازي مع الاحتفال المركزي ستشهد عواصم المحافظات اليمنية مظاهرات ومسيرات مماثلة, يجدد من خلالها اليمنيون وفائهم لفلسطين وعدم تخليهم عنها بالرغم العدوان الذي يشن عليهم عسكرياً واقتصادياً, وببشاعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.
في يوم القدس هذا العام قدم اليمنيون أسمى صور الوفاء بالتعالي على الجراح، ونسيان الذات، إكراماً لشعب فلسطين ومقدسات المسلمين، وهو درس أيضا لكل الأحرار بعدم حرف البوصلة عن “فلسطين”، وإن حدث الجراح من قبل بعض المسلمين خدمة لإسرائيل.