القدس..قضية ثابتة أم متغيرة..؟!!
ضيف الله الشامي
تمثل القدس الشريف بالنسبة للشعوب اﻹسلامية محور ارتكاز مهم في تاريخها ومعتقدها وثوابتها، والمسلم يرتبط فطريا منذ ولادته بكل المقدسات اﻹسلامية ارتباطا روحيا وقيميا.
ولما لذلك اﻹرتباط من أهمية فقد ركز أعداء اﻷمة علی استهدافها في تلك الثوابت واتجهت المؤامرات الصهيونية – السعودية – التركية ضمن خطة ممنهجة للسيطرة علی كل المقدسات الاسلامية وكانت البداية من (فلسطين) والسيطرة علی (القدس الشريف).
وﻷن السيطرة العسكرية واﻹحتلال المباشر لفلسطين ظهرت لها تداعيات سلبية بداية التنفيذ علی تلك المؤامرة حيث تحركت الشعوب وشكلت ضغوطا كبيرة علی أنظمتها وأوقعتهم في حرج مع شعوبهم.
عمد اﻷعداء والمتآمرون الی تحويل (القدس) من قضية إسلامية تهم كل المسلمين الی قضية “قومية” لتخفيف حالة السخط والتحركات للشعوب المسلمة آنذاك وحولته الی سخط عربي قومي مستغلة بذلك حماس بعض الزعماء القوميين العرب وتآمر البعض اﻵخر لتوجيه ذلك الحماس والسخط في الاتجاه القومي وتقزيم القضية العامة للمسلمين الی قضية قومية تخص العرب تحت مسمی (تحرير فلسطين) والدخول في اتفاقيات ومفاوضات تعزز ذلك المخطط كاتفاقية “اوسلو” و “كامب ديفيد” وما شابه ذلك.
وتحركت مصاحبة لها أبواق الصهيونية في الوسط الاسلامي للترويج للقضية القومية (فلسطين) كجغرافيا وليست (القدس) كمقدس ومعتقد ثابت بين المسلمين.
وبالفعل نجحت تلك المؤامرة وانخدع المسلمون عموما والعرب خصوصا بتلك المؤامرة وسلمت القضية الی أيادي “زعامات قومية” تدين بالولاء والطاعة المطلقة للكيان الصهيوني الغاصب وباعوا حتی عروبتها وقوميتها وسلموها علی طبق من ذهب للصهاينة، وبدأت النبرة القومية تتغير شيئا فشيئا ومعها تتقزم المواقف باﻹنحدار نحو اﻹنحسار.
وأصبحت اﻷصوات العميلة في الحكومات العربية خصوصا تطالب بإقامة (الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف) كمطلب مجته اﻷسماع لعشرات السنين وحفظه اﻷطفال لكثرة سماعه وترديده علی ألسن زعماء العمالة واﻹرتهان في كل البلدان العربية مما عزز الوهن والهزيمة في نفوس المسلمين وأصبحوا يطالبون المحتلين بالسماح لهم بإقامة دولتهم بجوار دولة الكيان الصهيوني المحتل والغاصب.
لم يبقی اﻷمر كذلك فقط …!! بل عمد الصهاينة والمتصهينون العرب الی العمل علی عدم استقرار أي حكومة أو دولة فلسطينية من خلال زرع الفتنة واﻹقتتال بين الحركات الفلسطينية والتي أصبحت لﻷسف الشديد تلهث وراء السلطة أكثر من حرصها علی تحرير اﻷرض وتبني القضية العامة وأصبحت وزاراة العدو الغاصب تسير اﻷمور بذريعة غياب السلطة (الشرعية).
هذه المتغيرات السياسية الكبيرة لم تكن لتحدث لو استشعر أبناء الشعوب اﻹسلامية خطورة العدو وأذرعه التآمرية والذين وصلت بهم البجاحة والقذارة والسوء الی المجاهرة بالعلاقات المتينة مع الكيان الصهيوني وتتويجه سيدا للقانون الدولي في العالم والذي يمثل تحديا واضحا لقومية شعوبهم ومبدئية إسلامهم واستهتارا بمقدساتهم..؛؛ فلا مقدسات ولا قوميات ولا قيم اسلامية تبقت لديهم ناهيك عن أن يكونوا أصحاب مبادئ وأخلاقيات ولو كانت من موروث الجاهلية اﻷولی كالشجاعة والنجدة وإغاثة الملهوف واﻹنتصار للعروبة وغيرها.
لذلك فالقدس قضية ثابتة لدی المسلمين معتقدا وأصالة لكنها أصبحت متغيرة في ظل صمت الشعوب وخنوعها ﻷعداء اﻷمة اﻹسلامية بشكل عام ..
لكن اﻷمل معقودا بالله وبوعي الشعوب المتنامي بخطورة العدو الصهيوني وضرورة التحرك في مواجهة الطغاة والمتآمرين كأمة إسلامية موحدة تحيي قيمها وتستعيد مقدساتها وتنتصر لدينها ومبادئها.