أوباما يهدي خلفه قنبلة موقوتة: لم يبق شيء نفعله ولم نفكّر به
قبل احتفاله بعيده الخامس والخمسين خرج الرئيس الأميركي باراك أوباما في واحد من مؤتمراته الصحفية المعدودة الأخيرة قبل الانتخابات ليدلو بدلوه حولها هي الأخيرة،
وحول الحرب على داعش والأزمة في سوريا، كما الاتفاق النووي مع إيران وما حُكي عن 400 مليون دولار دفعتها واشنطن لطهران لقاء تحرير محتجزين.خلع أوباما عن أكتافه عباءة الرئيس وارتدى سترة الحزبي المقاتل من أجل نجاح مرشحته الديمقراطية هيلاري كلينتون في مواجهة خصمه وخصمها الجمهوري دونالد ترامب.لم يوفر أوباما سبباً للضرب على الملياردير الطامح لرئاسة أكبر دولة في العالم، سخر من إدعائه بأن الإنتخابات ربما تُزوّر،
وحسم بما لا يدع للشك مكانا أنه يعتقد أن ترامب لا يصلح ليكون قائداً عاماً للقوات المسلحة الأميركية وسيداً للبيت الأبيض.
قبل ثلاثة أشهر تقريبا على موعد الإنتخابات تبدو الصورة بالنسبة للأميركيين مشوشة، إستطلاعات الرأي لا تعطي إستشرافا بيناً لمآل الأمور، لذا فالقلق في واشنطن تماماً كما هو في دول الشرق الأوسط الحليفة لواشنطن، تحديداً تلك التي تعوّل على دور أميركي أكبر في المنطقة في ظل الحرب التي لا يبدو لها نهاية من سوريا إلى اليمن والعراق، فضلاً عن حروب باردة حارقة يبدو الأميركي حتى اللحظة متجاهلاً لآثارها على مجمل الوضع في المنطقة.حتى تنظيم داعش ينتظر، دونما أن يصرح، حسماً في واشطن، فالرئيس الجديد، ذكراً كان أم أنثى، سيصبح اللاعب الجديد الذي سيخوض غمار الحرب المستحيلة التي يقول أوباما في مؤتمره الصحافي الأخير إنها برغم النجاحات التي جرى تحقيقها تشهد تحولاً خطيراً في تكتيكات التنظيم الذي يسيطر على أجزاء من سوريا والعراق وليبيا ومصر.
ربما يصح القول في مطالعة أوباما إن عملية استئصال السرطان تنجح، لكن السرطان ينتشر في أجزاء أخرى. هكذا هو يصرح دونما تلميح أنه وصل إلى حد اليأس من إنهاء الحرب في سوريا التي يلقي عليها باللائمة على جزء كبير من الشيب الذي غزا شعره، بل هو يضيف إلى ذلك أنه إستنفذ الخطط وذهب إلى حد سؤال معاونيه عن خطط خارج إطار ألف وباء وجيم ودال، هو يسأل عن خطط زين وحاء وطاء، الخطة السابعة والثامنة والتاسعة “هل هناك أي شيء يمكن أن نفعله ولم نفكّر به” يستسلم الرئيس الذي رفع شعار “نعم نستطيع” في حملته الإنتخابية، وهو سيورث يأسه للرئيس القادم الذي سيكون عليه اجتراح حلول للمعضلة الأكبر في العالم.
لا يكتفي أوباما بتوريث يأسه لخليفته، بل يؤسس له لتوتر أكبر مع روسيا الدولة الفاعلة في سوريا وفي الحرب على الإرهاب. ربما لا يرى الرئيس الأميركي الحالي في نظيره الروسي ولا الدولة الروسية شريكاً في هذه الحرب لذا فهو يشكك في إمكانية الثقة بالإثنين معاً، مسمياً إياهما بالاسم.فالشراكة ربما من وجهة نظر اوباما تكون بتراجع الروس عن أهدافهم لصالح الأهداف الأميركية هناك ودون ذلك لا يمكن التعويل عليهم، معادلة قد تبدو من وجهة النظر الأميركية سليمة، تحديداً إذا ما كان الكون يدور حول أميركا، لكن الزمن تغيّر بعض الشيء ولم يعد بالإمكان فصل الكون إلى فسطاطين بتعبير أسامة بن لادن مؤسس القاعدة، أو عالم معنا أو علينا بتعبير الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، العالم اليوم متغير ومراكز القوى لم تعد حكراً على أحد في أي مكان، والأرض لمن يحرثها ويحرسها وليست لمن يقصفها من السماء.