الرسول رسالة عالمية قابلة للتطبيق. ..
بقلم / فضل الشرقي
معرفة الرسول من خلال القرآن الكريم
يعتبر القرآن الكريم هو المصدر الحقيقي لمعرفة الرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله), وكذلك معرفة جميع الأنبياء والمرسلين, لأن مجمل ومعظم ما قدم في كتب السيرة والحديث يسيئ للرسول ويشوه شخصيته ويستهدفه في أخلاقه ومبادئه, وقدم قدم السيد حسين بدرالدين الحوثي رؤية متكاملة وواضحة حول هذا الموضوع ففي الدرس الثاني عشر معرفة الله وعده ووعيده ص10 يقول السيد: (الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان رجلا قرآنيا يعرف منهجية القرآن لا يخالفه).
وفي محاضرة الثقافة القرآنية ص2 يقول السيد: ( رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله مهمته هو أن يعلم الناس هذا القرآن بما فيه من آيات وهي أعلام وحقائق في كل مجال تتناوله).
وفي محاضرة آيات من سورة الكهف ص10 يقول السيد: (إن القرآن هو أهم مصدر لمعرفة سيرة النبي, القرآن يعرفك حتى على مشاعر النبي ونفسية النبي صلوات الله عليه وعلى آله ومواقفه).
وفي محاضرة وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ص2 يقول السيد: (رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كان رجلا قرآنيا, رجلا يتحرك بحركة القرآن, يجسد القرآن, يفهم معاني القرآن, وغايات القرآن, ومقاصده, وأساليبه, ومنهجه).
وفي درس آخر يقول السيد: (القرآن هو يعتبر أهم مصدر لمعرفة أنبياء الله ولمعرفة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله, لأنك تفترض في البداية وهي قضية الناس مسلمين بها أن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كان رجلا قرآنيا يتحرك بالقرآن, فهمك للنبي صلوات الله عليه وعلى آله هو مرتبط بفهمك للقرآن عندما تفهم القرآن وتفهم كيف كانت حركته في موقف معين تجد أنه كيف كانت حركته هذه قرآنية يجسد فيها مبدأ قرآنيا يقوم فيها بدور تربوي قرآني عندما يتحدث عن غزوة تبوك أو أحد أو بدر أو غيرها … أليست سيرته تبدوا حركة؟ حركة قرآنية, ويجسد مبادئ وتوجيهات, ويقوم في نفس الوقت بأعمال تربوية للأمة, عندما يقرأ أحد السيرة الأخرى التي قدمت كأحداث تاريخية أليست عبارة عن أحداث تاريخية؟ لكن أنت لن تعرف النبي من خلالها, أو معرفة محدودة جدا, أحداث تاريخية, إرجع للقرآن الكريم ستفهم لماذا النبي ركز على أن تكون حركته بهذا الشكل؟ لماذا استخدم هذا الأسلوب؟ تجد أنه كان يركز على هذا الأسلوب باعتباره مبدأ هاما جدا يرسخه في ذهنية الأمة لتتربى عليه أو تسير في حركتها على أساسه, وهكذا أشياء كثيرة من هذا القبيل).
ويضيف السيد قائلا: (القرآن ليس فقط يعرفك بمجرد حركات الرسول بل بمشاعر الرسول صلوات الله عليه وعلى آله يعرفك حتى تفهم تقريبا تفهم مشاعره وتفكيره, تفهم كيف كان نظرته للمجتمع الذي هو فيه تفهم كيف كان وهو على فراش الموت كيف كان في نظرته أنه مات متألما, مات متألما فعلا, أن الأمة هذه أنها ما استجابت بالشكل المطلوب ما تفهمت القضية بالشكل المطلوب, ما التزمت بالشكل المطلوب).
وفي الدرس السادس عشر من دروس رمضان يقول السيد رضوان الله عليه (وفعلا ً- كما نقول – أن القرآن الكريم هو أهم مصدر لمعرفة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) معرفة سيرته معرفة شخصيته معرفة عظمته أو جوانب من عظمته، ما يمكن أن نعرفها بالنسبة له (صلوات الله عليه وعلى آله) وكذلك بالنسبة لأنبياء الله الآخرين، ونحن بحاجة ماسة إلى هذه القضية أيضاً، إلى معرفة الأنبياء وإلى معرفة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بالذات معرفة كافية).
ومن خلال القرآن نعرف كيف قدم الله رسوله في كل جوانب حياته وشخصيته كقائد محنك ورجل على خلق عظيم يهتدي ويقتدي به المسلمون يقول السيد رضوان الله عليه (عرفنا كيف أنه كان قائداً لديه معرفة عالية ويعتمد عليه بشكل كبير في ميدان المواجهة {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ}(آل عمران: من الآية121).
كما قدم القرآن وأبرز لنا شخصيته العظيمة وحنكته القيادية في تعامله مع أصحابه وجنوده في السلم والحرب وكيف تعامل مع الجنود في غزوة أحد وحول هذا الموضوع يقول السيد: (كذلك بالنسبة لنفسيته أخلاقه العالية سعة صدره التي تجعله يعرف كيف يتعامل مع الآخرين في الظروف الصعبة في الظروف التي عادة تؤدي إلى اختلاف بين الناس، اختلاف بين المجتمع اختلاف فيما بين القيادة والجنود {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران:159) عندما نسمع توجيهات كهذه فيها ما هو حكاية عما هو عليه فعلاً {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}(آل عمران: من الآية 159) أو نسمع توجيهات له وتراها ذات قيمة عالية وهامة جداً، خاصة في وضعية كهذه التي مر بها المسلمون بعد معركة أحد {فَاعْفُ عَنْهُم}(آل عمران:159) وتجد داخل الآيات التي تذكر أحداث معركة أحد وتلك الهزيمة، كم ظهر فيها من كلمات {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}(آل عمران: من الآية155) {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}(آل عمران: من الآية152) وهكذا فيوجه رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) أيضاً بأن يعفو عنهم {فَاعْفُ عَنْهُم}(آل عمران:من الآية 159).
ويوضح السيد مسألة العفو هذه التي حصلت في غزوة أحد فيقول: (العفو قد يكون التغاضي عن المؤاخذة التغاضي عن كثير من التأنيب والتوبيخ، العفو يختلف عن المغفرة ويكون له مجال خاص غير موضوع المغفرة، ولهذا يأتي في بعض الآيات يجمع بين العفو والمغفرة).
وهنا يكشف لنا القرآن كيف تحرك الرسول مع الجنود بتوجيهات مباشرة من الله سبحانه وتعالى بشكل لطيف يحسسهم بالأنس واللطف والرحمة فيضيف السيد في قوله تعالى واستغفر لهم وشاورهم في الأمر:
({وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}(آل عمران:من الآية 159) واستغفر لهم بأن تطلب من الله المغفرة لهم {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(آل عمران:من الآية 159) لأنه في حالة كهذه عندما يتجه لأن يشاورهم هذه فيها نوع من الأنس، أعني يلمسون بأنه ما تزال نظرته إليهم جيدة وما يزال قريباً منهم، الإنسان الذي تتجه لمشاورته يعني ماذا؟ أن نفسك قريبة منه؛ لأنه – عادة – الهزيمة تترك أثراً كبيراً في النفوس خاصة، وهم عندما انهزموا في أحد تركوا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في الميدان وكانت قضية كبيرة هذه، فكان هذا شيئاً طبيعياً أن يستحي كل شخص منهم ويخجل ويكون يحاول أن لا يراه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فإذا ما اتجه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) إليهم وشاورهم وتحدث معهم يحسون بنوع من الأنس، فهذه لها أثر كبير في النفوس).
وهذه الإنطلاقة المهمة للرسول في هذا الميدان وهذه الظروف تحمل دروسا تربوية وأخلاقية مهمة جدا في ميدان العمل العسكري وتربية الأفراد والجنود ويوضح السيد هذه المسألة فيقول: (وعندما ينطلق رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يتعامل على هذا النحو من منطلق معرفته للناس كبشر يعرف الناس كناس ويعرف الوضعية أنه ليس صحيحاً أو ليس أسلوباً صحيحاً أن يتجه إلى توبيخ ومقاطعة لهم ونفور منهم هذا سيزيد من ماذا؟ من ارتياح العدو؛ لأنه أوجد هزيمة جعلت هذا المجتمع يتفكك تماماً وكل إنسان هو وإن زل قد يكون قريباً إلا نوعيه منهم تحدث عنهم: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}(آل عمران: من الآية154) هذه نوعية ثانية لكن آخرين قد تكون أحياناً متى ما زلّ زلة كل واحد يعرف زلته، وكل واحد يكون لزلته أثر في نفسه وبالإمكان إذا ما تزال نفسيته صالحة يكون قابلاً لأن يوجه أكثر ويتفهم أكثر ويأخذ دروساً وعبراً مما حدث فيكون فيما بعد على مستوى أفضل)
.
ويضيف في قوله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(آل عمران: من الآية159) (أي يقول هنا في توجيهات {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(آل عمران: من الآية159) توجيهات هامة جداً وبالتأكيد أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كان على مستوى العمل بهذه التوجيهات)
الطريقة التحليلية لمعرفة شخصية الرسول
قدمت كتب السير والحديث والتاريخ شخصية الرسول بشكل ناقص بل في معظمها قدمت بشكل مغلوط ومسيئ جدا بخلاف ما كان عليه في الواقع وما قدمه به القرآن الكريم, وكانت إهتمامات كتاب السير والتاريخ ناقصة جدا في التعاطي مع شخصية الرسول لأنها لم تكن من منطلق قرآني فبعضها غلب عليها الطابع المذهبي وبعضها الطابع السياسي, والبعض الآخر كتب بخلفية تاريخية وكتابية بحتة يقول السيد:
(إذاً فهنا تعرف شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد تكون في كتب السير تاريخاً يعرض فقط أحداثاً معينة مؤرخة ونكتب فيها أرقاماً معينة).، ويؤكد السيد على أن الطريقة الصحيحة في السيرة والمعرفة هي الطريقة التي تقوم على الدراسة والتحليل فيقول: (لكن التحليل لشخصيته قضية ثانية، التحليل لمنطلقاته في عمله في تكتيكه العسكري في اختياره للقادة في اختياره للموقع وأشياء من هذه لا تتناولها معظم السير فعلاً، وهي قضية هامة، أي ليس المطلوب فقط من السير أو من التاريخ أن نعرف متى وقعت الغزوة الفلانية وكم كان عدد المسلمين وكم كان عدد الكافرين وانتهى الموضوع، المطلوب أن نعرف كيف كان – بطريقة تحليلية – كيف كان تفكير النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) كيف كان تخطيطه كيف كانت مشاعره كيف كان تقييمه كيف كانت الوضعية بشكل عام، وضعية جانب المسلمين ووضعية الآخرين الكافرين الوضعية بشكل عام، وضعية العالم في ذلك الزمن بشكل عام حتى يكون التاريخ له أثر في النفوس ويعطي دروساً مهمة ويعطي عبرة وتعرف من خلاله النفسيات).
ويوضح كم حصل في معركة أحد من دروس ومواقف مهمة عندما نقف عليها بطريقة تحليلية نستفيد منها في تقييم الوضعية ومعرفة النفسيات فيقول:
(لاحظ هنا في معركة [أحد] كم حصل من خلالها من غربلة، غربلة كما قال بعد: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}(آل عمران: من الآية166-167) وسابقاً يقول: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}(آل عمران:141) {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}(آل عمران: من الآية140) {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(آل عمران: من الآية142).
وهكذا؛ لأن الأحداث مهمة جداً في غربلة النفوس، أعني مهمة حتى بالنسبة لك أنت شخصياً بالنسبة لأي واحد منا من خلال الأحداث قد يتلمس هو ما لديه من نقاط ضعف ما لديه من رؤى قد تكون غير صحيحة، فيصلح نفسيته هو ويحاول أن يصحح وضعيته إضافة إلى تقييم الناس لبعضهم بعض تقييم المجتمع وغربلته من خلال الأحداث لأن مستقبل الأمة، أي أمة تستفيد من الأحداث على هذا النحو تكون خططاً قائمة على معرفة خططاً واعية قائمة على معرفة تعرف أن هذا الإنسان كذا وهذا كذا وهذا كذا وتلك القبيلة كذا وسكان تلك القرية كذا وهكذا تستطيع أن تعرف فتكون خططك بالشكل الذي لا يكون فيها أخطاء متكررة، قد توكل مهمة إلى شخص أو إلى مجموعة من الناس هم في الواقع غير جديرين بأن يقوموا بتلك المهمة وهكذا).
أهمية معرفة الرسول
الأمة بحاجة ماسة وضرورية لمعرفة الرسول من خلال هذه المنطلقات حتى لا تضل وتبق أمة مهزومة تتجرع النكبات والهزائم على طول تاريخها, ولو عرفت الأمة فضل الله الله عليها ونعمة هذا الرسول في ماضيها وحاضرها لما كانت ماضيا وحاضرا بهذا الشكل الذي هي عليها الآن يقول السيد: (معرفة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قضية هامة – كما أسلفنا – في أن يعرف الناس فعلاً أنه نعمة عظيمة من الله ولهذا قال بعد: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(آل عمران: من الآية164) وفي نفس الوقت يستوحي الناس من سيرته، يستلهمون من حركته كيف يتحركون وكيف يعملون).
إذا من خلال هذا يتبين لنا ضرورة وأهمية معرفة الرسول من خلال القرآن الكريم, لأن فصل الرسول عن القرآن الكريم خطيرة جدا, وستفصلنا عن الرسول نفسه يقول السيد:
(فصل الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في ذهنية الأمة عن القرآن, وهو رجل قرآني بكل ما تعنيه الكلمة, فصل عن القرآن ثم قسموه هو فأخذوا جانبا من حياته, جانبا مما صدر عنه وسموه سنه) آل عمران الدرس الثاني ص3.
ويعتبر الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في كل حركة من حركات حياته, وكل تصرف من تصرفاته يمثل مصدر هداية للأمة يقول السيد:
(رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله في كل حركة من حركاته يعطي مؤشر هداية للأمة) آل عمران الدرس الرابع ص5.
وفي الدرس الثاني من سورة المائدة ص3 يقول السيد: (الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كان في حركاته إنسانا واعيا على أرقى مستوى يعطي الهداية من كل حركة من حركاته).
وفي محاضرة أخرى يقول السيد: (تفهم النبي بأنه كان في حركته في ذلك العصر, أعماله لم تكن فقط مرتبطة بعصره, في عصره ما كان يعمله من أعمال قام بها تعتبر هداية للناس إلى آخر أيام الدنيا, يكشف أشياء, ويؤكد على أشياء, ويرسخ أشياء, يعنى هو كان نبي يفهم أنه نبي للعالمين إلى آخر أيام الدنيا, فكانت حركته يلحظ فيها امتداد رسالته, وتلاحظ أنها هذه لها نظائر في القرآن الكريم, لها نظائر هذه).
حكمة الرسول
لم يقدم النبي في كتب السير والتاريخ والحديث حكيما ولا بصيرا ولا خبيرا بل للأسف الشديد وكما أسلفنا قدم بطريقة ناقصة وفي معظمها بطريقة مغلوطة ومسيئة جدا, وقد قدمه الله لنا في القرآن حكيما وقائدا عظيما نستلهم منه الحكمة والبصيرة والخبرة والمعرفة وحتى لا تتوقف معرفتنا للرسول وحسن تأسينا واقتدائنا وتأثرنا به عند أرقام وأحداث معينة علينا أن لا نربط حركته النبوية وسيرته بالمعجزات فقط يقول السيد: (في نفس الوقت أيضاً لا يعتبر أن الأشياء كانت مجرد معجزات خارقة في كل الحركة الله سبحانه وتعالى هو على كل شيء قدير، ولكنه حكيم تكون الأشياء تسير وفق ترتيبات دقيقة، رسوله حكيم لم تكن أعماله عشوائية، أعماله تسير وفق ترتيبات دقيقة وخطط محكمة ورؤى صحيحة ومعرفة حقيقية؛ لأن الفارق فيما إذا كنا نتصور أن كل ما كان يحصل كان عبارة عن معجزات خارقة معجزات، معجزات إلى آخرها يقول الناس من بعد: [إذاً محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) قد التحق بالله وما معنا شخص تأتي على يديه معجزات خارقة، خارقة… إلى آخره، إذاً ما نستطيع نعمل شيئا] عندما تعرف بأنه كانت تلك الحركة تقوم على خطط محكمة ورؤية حكيمة وترتيبات حكيمة وأنها مما هدى الله رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) إليه ومن خلال القرآن الكريم، ولهذا ألم يقل في القرآن الكريم بأنه: كتاب حكيم {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}(هود: من الآية1).
وإذا فهمنا هذه المسألة معنى هذا أن الأمة ستبق مستفيدة من الرسول صلوات الله عليه وعلى آله على طول مسيرتها وحركتها وامتدادها يقول السيد:
(أن تكون الأشياء تمشي على الطريقة هذه، معناه ماذا؟ أنها قابلة للإستمرار قابلة أن يسير جيل آخر بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفق هدى الله وفق ما يؤتيهم الله من حكمة أو ما يأخذون من كتاب الله من حكمة وما يوفقهم الله إليه من حكمة في عملهم، ولو لم يكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) موجوداً بينهم لكنه موجود بماذا؟ بآثاره، إذا حاولنا أن نعرفه هو وليس فقط نعرف أنه قائد المعركة الفلانية بتاريخ كذا وعدد كذا…. إلى آخره،لا، تعرفه هو لتعرف كيف كان دقيقاً في عمله وكيف كان حكيماً في تعامله مع الأحداث وتعامله مع الناس وكيف كان أيضا،ً كيف كانت نظرته إلى الناس بشكل عام بما فيهم الأعداء).
وتبرز المشكلة في هذه المسألة وهي عندما أبعد رسول الله عن أن يكون هو في شخصيته ذكيا محنكا وحكيما وخبيرا إضافة إلى سوء وفداحة ما قدمته وقالته عنه الروايات المكذوبة والمدسوسة يقول السيد: (لأنه فعلاً الذي حصل أنه أبعد الأنبياء عن قائمة أن يكونوا أشخاصاً يستلهم الناس من عملهم ما يفيدهم في حركتهم في مجال العمل لإعلاء كلمة الله والجهاد في سبيله ترافقت عدة أشياء منها: روايات يتجلى من خلالها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وكأنه إنسان عادي أو غبي وليس فقط عادي إنما لا يفهم شيئاً كما يحكون في غزوة [بدر] أعني: روايات فيما يتعلق بميدان الجهاد وحتى فيما يتعلق بحياته الخاصة وأشياء كثيرة قدموه وإذا فقط فلان يوجهه أنه يحجب نساءه وفلان يقول: لا، أحسن نكون هناك على النهر من أجل عندما نكون في مواجهة مع العدو نكون قريبين من الماء ونسبقهم إلى الماء! وأشياء من هذه يبدو شخصاً بسيطاً لا يعرف شيئاً)!.
ويؤكد السيد أن الرسول كان قائدا ذكيا وحكيما وبصيرا وخبيرا بكل ما تعنيه الكلمة فيقول: (هو كان شخصاً هاماً جداً حكيماً وقديراً ذكياً فاهماً، قائداً على أعلى مستوى للقيادة فعلاً، حتى أن الغربيين عندما حللوا شخصيته ومواقفه اعتبروه أنه أعظم قائد في التاريخ كما يحكى أنهم فعلاً اعتبروا أنجح وأعظم قائد في التاريخ محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).
وكيف كان على الرغم من كفاءته العالية يتوكل على الله {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(آل عمران: من الآية159).
تعامل النبي مع الغنائم
وفي سياق الدروس التي عرضها وقدمها القرآن الكريم في غزوة أحد بين كيف كان القائد وهو الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وكيف تعامل مع الغنائم بالشكل الذي يطمئن المسلمين ولا يؤثر على معنويات المقاتلين ويربيهم تربية حسنة للحاضر والمستقبل يقول السيد: (فيما يتعلق بالمواجهة التي حصلت في يوم [أحد] وما قبلها وما بعدها، والعادة أنها قد تحصل غنائم يغنمون عندما ينتصرون على العدو، هنا يوجد طمأنة للمسلمين أن يفهموا بأن الشخص الذي يقودهم ليس إنساناً ممن يحاول {أن يَغلّ}. الغل معناه: الأخذ من الغنائم لنفسه بطريقة خفية، لهذا يقال بأنه كان هناك حالة معروفة يسمونها: [الصَفِيّ] من الغنائم بطريقة معروفة علناً، خصلة واحدة يأخذها على الرغم من أن أمر الغنائم إليه؛ لأن قضية الغنائم قضية المال قضية حساسة قضية مما يحصل فيها منفذ للشيطان ولأولياء الشيطان للتشكيك في موضوع المال، فهنا يطمئنهم بالنسبة له (صلوات الله عليه وعلى آله) وبالنسبة للأنبياء بشكل عام من قبله، أن أي نبي من الأنبياء لا يمكن ما ينبغي على الإطلاق، ولا يحصل من جانبه {أن يَغلّ}).
كذلك أيضا في تربية القرآن الكريم للمؤمنين أنفسهم كيف يكونون وكيف يتعاملون يقول السيد: (فيها فيما يتعلق بالمؤمنين أنفسهم بعد أن قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}(آل عمران: من الآية161) أن يعرفوا بأنه إذا كانت القضية خطيرة فيما لو وقعت من نبي من أنبياء الله فهي قضية خطيرة أن تحصل من أي إنسان أن يغل من الغنائم، يحاول أن يأخذ شيئاً خلسة يخبيه لنفسه من الغنائم فعندما تكون القضية على هذا النحو فعلاً {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}(آل عمران: من الآية161) لكن قيمتها من الناحية النفسية فيما يتعلق بالناس، الثقة، تعظم لديهم الثقة في هذا الشخص بحيث أنهم لا يكونون يرون أنفسهم في الأخير وكأنهم يقاتلون ويجمعون غنائم وهو يأخذ الجيد الجيد لنفسه ويخبيه يخفيه ويعود به إلى بيته، أليس هذا يؤدي إلى حالة من الوهن في النفوس؟ هم مطمئنون فهي قيادة ليست ممن يعطي للمال أي قيمة بحيث تصبح خائفاً بأنه قد يأخذ هذا أو هذا أو هذا لنفسه هذا على قراءة: {يَغُلّ}).
مقارنة عامة
هنا يوضح السيد مقارنة عامة بين المؤمنين وبين الكافرين والمنافقين, مقارنة بين أولياء الله وبين أعداءه بشكل عام حتى لا تهتز ثقتهم بالله وتتقلب لديهم الموازين فيكونوا على ثقة ويقين بأن الكفة دائما تسير لصالح أولياء الله مهما حصل من أحداث ومتغيرات وحول هذه الآية يقول السيد:
({أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية162) حالة مقارنة عامة أن يقيِّم المؤمنون أنفسهم في مقابلة الطرف الآخر الذي سخط الله عليه وهم أعداؤه من الكافرين والمنافقين واليهود والنصارى {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّه} يعتبر سواء، مستوياً مع من هو في الواقع قد باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ليطمئن الإنسان ويطمئن المؤمنون بأنهم في طريق يحضون فيها برضوان الله، وأنه لن تكون الحالة مستوية كحالة يعني فيما بينهم وبين منهم ماذا؟ من باءوا بسخط من الله، يعني: في إطار تدبير الله سبحانه وتعالى، وهذا ما لمس أخيراً كيف انتهت المسألة فيما بعد، على الرغم من أنه حصل هزيمة في أحد لكن كيف انتهت القضية في الأخير؟ ألم يكونوا من اتبعوا رضوان الله هم الأعلون في الأخير؟ وتلاشى كل أولئك الذين باءوا بسخط من الله والذين كان لهم انتصارات في بعض المواقع منها أحد، لكن في الأخير لم يكونوا سواء أبداً، أولئك ضاعوا وتلاشوا وقهروا وغلبوا ومن اتبعوا رضوان الله كانوا هم الأعلون وتحقق لهم النصر الأخير، النصر النهائي في الصراع ألم يحصل هذا؟ على مستوى الجزيرة أولاً، دخلوا بعد فترة قصيرة مكة فاتحين وانتهى الموضوع تماماً بالنسبة للجزيرة، انتهى بقي حنين بعد الهزيمة التي حصلت في [حنين] حصل انتصارات المهم في الأخير انتهى أولئك الذين باءوا بسخط من الله وتلاشوا).
ويضيف السيد: (هذه مهمة، أن يعرف الإنسان بأنه في تدبير الله سبحانه وتعالى أن يعرف المؤمن أنه في تدبير الله لأن الله هو الذي إليه يرجع الأمر كله، وهو مدبر شؤون السموات والأرض من المهم أن يكونوا واثقين بأنه لن تكون الحالة مستوية لن تنتهي المسألة إلى أن يكون من باءوا بسخط من الله هم الأعلون على الإطلاق، بل تنتهي إلى هذه تعطي الناس طمأنة باعتبار لو حصل تقلبات أثناء حركتهم يكونون واثقين بأنهم في الأخير هم سينتصرون؛ لأن الآية هنا لا تذكر قضية حكم يقول لك: هل هم سواء الذين رضي الله عنهم والذين باءوا بسخطه؟ تقول: لا، يقوم عليها تدبير إلهي يقوم عليها طمأنة نفسية، وهم بحاجة إلى هذه بعد الهزيمة التي حصلت في أحد أن يفهموا بأن القضية لن تكون سواء، وستكون النهاية غير مستوية لن تكون في صالح من باءوا بسخط من الله على الإطلاق وكل الفئات ممن اتبع رضوان الله وممن باءوا بسخط من الله درجات نفس المؤمنين درجات متفاوتة الإنسان في نفسه يعيش في نفسه أحياناً حالات متفاوتة في نفسه هو ما بالك المجتمع بشكل عام المؤمنون متفاوتون فيما بينهم {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}(آل عمران:163).
محاولة العدو تأليب الجنود على القائد
دائما ما يسعى العدو لتأليب الشارع ضد القائد وكذلك تأليب الجنود عليه وقد قدم لنا القرآن دروس مهمة في هذا الموضع حتى لا نكون ضحية للحرب الإعلامية والأهداف الخطيرة للعدو ففي هذا الموضوع وحول هذه القضية يتحدث السيد ويوضح المسألة حول هذه الآية فيقول: ({َلقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}(آل عمران:165- 166) إلى آخر الآيات هنا عندما تأتي الآية هذه متوسطة، بعدما حصل لديهم من آثار أعني بعد ما حصل في نفوسهم أثناء مواجهتهم للعدو من آثار على نفوسهم سلبية، كما ذكرها في كثير من الآيات أبرز كثيراً من الآثار التي حصلت وحصل جروح وحصل قتل وحصل أشياء كثيرة، عادة الناس إذا لم يكونوا واعين إذا لم يكونوا فاهمين بالشكل المطلوب قد تتجه كل مشاعرهم السيئة إلى القائد [أن هذا هو الأساس هذا الذي كلف لنا لكل هذه الأشياء لو ما هذا لما وقعنا فيما وقعنا فيه] وهكذا فهو هنا ينبه المؤمنين بأنه على الرغم مما حصل لكم حصل قتل حصل جراحات حصل آثار نفسية فيما يتعلق ببعد الهزيمة أشياء كثيرة يجب أن تكونوا متذكرين وذاكرين أن الله قد مَنّ عليكم بنعمة كبيرة جداً هو ذلك القائد الذي يقودكم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وأن مهمته بالنسبة لكم هو أن يعلمكم الكتاب والحكمة ويزكيكم مهمة عظيمة جداً، تهون معها كل المصائب التي نالتكم من قتل وجراحات وآثار نفسية بعد الهزيمة).
ويوضح السيد المسألة أكثر فيقول:
(فيما يتعلق بالعدو دائماً العدو يحاول أن يوجد هوة فيما بين القائد والجنود فيما بين الأمة وقيادتها، بأن يحاول أن يوحي لتلك الأمة بأن [لاحظوا كيف دخلنا في مصائب ومشاكل وأشياء من هذه كلها بسبب فلان بسبب فلان] إلى آخره، ظهرت هذه في أيام [الإمام الخميني] هجمة إعلامية من قبل الإعلام الغربي والعربي أيضاً، وكان هناك محطات موجهة إلى داخل إيران باللغة الفارسية محطات إذاعية وتلفزيونية وغيرها من وسائل الإعلام موجهة إلى الشعب الإيراني ليقولوا لهم [لاحظوا كيف أصبحتم.. أصبحتم في عزلة عن العالم وأصبحتم في مشاكل مع العالم وأصبحتم في حروب وتدمر كثير من مدنكم كلها بسبب الخميني] وهكذا يوجدون هوة فيما بين القائد وما بين المجتمع وتذمر من هذا القائد و محاولة للتمرد عليه، أو محاولة رفض لتوجيهاته هذه تمثل ضربة رهيبة للأمة تمثل ضربة رهيبة للأمة هذه الحالة إذا استطاع العدو أن ينجح فيها ولهذا كانت مهمة جداً أن يذكِّر المؤمنين لأنها قد تحصل مشاعر من هذه، بأن أعظم نعمة عليكم هو ذلك الرجل العظيم الذي مَنّ الله به عليكم {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(آل عمران:164) وكانوا فعلاً من قبل في ضلال مبين، أمة تائهة، أمة ضائعة، أمة لا وزن لها).
ويضيف قائلا: (لهذا جاءت هذه الآية متوسطة يذكر قبلها ما حصل من قتل وجروح وآثار نفسية ويأتي أيضاًَ بعدها {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}(آل عمران: من الآية165) بالنسبة للعدو يجب أن تنظروا إلى أنكم قد أثرتم في العدو هذه هي تعتبر حالة تساعدك على أن تتحمل العناء الذي أنت فيه أنه أيضاً العدو قد ناله كما نالنا أو أكثر سواء في تلك المعركة أو فيما سبق {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}(آل عمران: من الآية165) بالنسبة للعدو قد ناله من جانبكم مثل ما حصل عليكم مرتين {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}(آل عمران: من الآية165) {أَنَّى هَذَا} خطيرة في الأخير يقولون: [من فلان] أليست هكذا؟ ولهذا جاء بالآية الأولى قبلها {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران: من الآية164) بحيث لا يعد هناك شيء أن يقولوا: [فلان] يتذكرون أنه نعمة عظيمة عليهم.
{قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}(آل عمران: من الآية165) من أين أوتينا؟ ما السبب؟ كيف وقع علينا هذا الشيء؟ وكيف..؟ {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}(آل عمران: من الآية165) لأنكم أنتم تنازعتم فشلتم عصيتم الرسول تنازعتم في الأمر من بعد ما أراكم ما تحبون، هو من عند أنفسكم {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(آل عمران: من الآية165) يعني السبب الرئيسي هو من عندكم السبب الرئيسي لما نالكم هو من عند أنفسكم؛ ليحذروا في المستقبل وليعرفوا بأنه إذا ما حصل من جانبهم أخطاء، والأخطاء متفاوتة، هناك أخطاء تحصل عليها عقوبات، وقد يكون هناك أخطاء يحصل تدارك إلهي كما قال سابقاً: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}(آل عمران: من الآية122) لكن تلك الأخطاء في الميدان غير طبيعية أن يحصل من بعد ما أراكم ما تحبون يحصل فشل وتنازع في الأمر وعصيان في الميدان قضية خطيرة جداًَ ليست سهلة فحصل ما حصل نتيجة لهذه الأخطاء الرهيبة لكن الأساس هو من عند أنفسكم.
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية166) هو أذن سبحانه وتعالى {فَبِإِذْنِ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية166) دون أن تقول: [كيف كان إذن الله كيف تمت؟ هل معناها علمه أو معناها دفعهم أو معناها أو معناها] بإذن الله والله سبحانه وتعالى هو من يحمد نفسه وينزه نفسه هو الذي ينزه نفسه بإذنه فعلاً يعني ما حصل أن يضربكم المشركون فتحصل تلك النتيجة السيئة الله أذن بهذا، درس لما حصل وعقوبة لما حصل ومع هذا يتدارك المسألة بشكل كبير {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ}(آل عمران: من الآية152) {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}(آل عمران: من الآية155) وهكذا وعفو من جهة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) واستغفار حتى لا تمشي النتيجة إلى الشيء الطبيعي لها وإلا قد تكون آثارها سيئة فعلاً.
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران:166) يتبين المؤمنون {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}(آل عمران: من الآية167) يظهر المنافقون أولئك {الَّذِينَ نَافَقوا وقِيلَ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا}(آل عمران: من الآية167، 168) هؤلاء المنافقون نوعية سيئة جداً ما كفاهم أنهم قعدوا بعد أن قيل لهم قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا إذا عندكم حرية على الأقل أن تدافعوا {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ}(آل عمران: من الآية167) وما سكتوا في الأخير ما يزال يأتي من عندهم {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}(آل عمران: من الآية168) أليسوا في هذا يحاولون يظهرون بأنهم أشخاص حكماء ورؤيتهم حكيمة ويجعلون الآخرين يحزنون ويعتبرون أنفسهم وقعوا في غلطة كبيرة جدا،ً أنهم ما كانوا كأولئك المنافقين أو ما استمعوا لأولئك المنافقين؟ {لَوْ أطَاعُوْنَا مَا قُتِلُوْا}.
{قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: من الآية168) لأنه عندما يقول: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} (آل عمران:من الآية168) أليس هنا يقدم المسألة وكأنها حتمية من أين له علم ذلك! إذا أنتم ترون بأن آراءكم نتائجها حتمية إلى الدرجة هذه {فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(آل عمران: من الآية168) في هذا المقام فقط الذي حصل كما قلنا أكثر من مرة {أَوِ ادْفَعُوا}(آل عمران: من الآية167) دافعوا عن وطنكم، دافعوا عن نفوسكم، لمن وجهت هذه؟ للمنافقين فقط أما المؤمنون فدائماً والمسلمون بشكل عام دائماً يقال لهم في سبيل الله.
المنافقون هم فئة متذبذبة عادة، متذبذبة وفئة لا تهدأ ومن العجيب أنهم يكونون أقرب إلى العدو، الذي ماذا؟ لو دخل بلدهم لاستباحها كلها، لا يعرف أين بيت المنافق وبيت المؤمن ولانتهك أعراضهم ونهب أموالهم، هل سيفرقون فيعرفون أين بيت المنافق؟ مع هذا يكون عنده ميل للعدو، هذا شيء سيء جداً، وغريب جداً من النفوس المنافقة، نفوس غريبة جداً، وضعيتها غريبة جداً {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}(آل عمران: من الآية167).
إذاً فهمنا من غزوة [أحد] تَبَيّنَ منافقون، ووجه هجوماً على المنافقين؛ لأن المنافقين عندما تظهر لهم حركة، المفروض يكون هناك ما يقابَلون به مما يحطم معنوياتهم، ويظهر الناس أمامهم بأنهم لا يتأثرون بمقولاتهم ولا يتأثرون بتضليلهم ولا يتأثرون بتثبيطهم؛ لهذا قال هنا: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمران: من الآية168) لأنه عادة في حالات كهذه ينشط المنافقون في حالات صراع، ينشط المنافقون أما عندما تكون الكفة تميل لصالح العدو فينشطون أكثر).
كيف نتخاطب مع الرسول
علمنا القرآن كيف يكون التخاطب مع الرسول صلوات الله عليه وعلى آله بأدب وإحترام وتقدير وتقديس وجاء في سورة الحجرات سلسلة من الآيات تحذر المسلمين من تجاوز الأدب في التخاطب والتعامل مع النبي ورفع الصوت فوق صوته وضرورة تعزيره وتوقيره كما جاء في سورة الأعراف ونحن لا بد من أن نتعامل مع جلالة إسمه المقدس بإحترام وتقدير يقول السيد: (يجب في خطابنا نحن أن لا نكثر من كلمة محمد إلا ونرفقها بكلمة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إلا في مقامات تستدعي ذلك, نستخدم كلمة الرسول كلمة النبي لندور في الإطار الذي يركز القرآن عليه ويجعله مهما جدا) سورة المائدة الدرس الثاني ص6.