سميرة والعكيمي!
بقلم/ مصباح الهمداني
—————-
قبل أسابيع تقريبًا التقى غريفيث بالسيد القائد، وفاجأه القائد بقوله:
-لنا طلبٌ مهم جدًا، وسنبادلهم بما يريدون؟
تلبدت الدهشة على غريفيث كسحبٍ تراكمت فجأة، وقال:
-ماهو؟
-إطلاق المختطفة “سميرة مارش”
ازدادت دهشة الرجل مع حيرة وقال:
-هل هي وزيرة في حكومتكم، أم عضوة في مجلس النواب، أم قيادية في المجلس السياسي؟
ابتسم القائد ابتسامة خفيفة تخفي وراءها وجعًا كبيرً، أتبعها بشهيق عميق، وقال:
-إنها امرأة يمنية بسيطة، لكنها مظلومة ومستضعفة، وقدرها أنها تحت سلطة المرتزقة في الجوف..اختطفوها وذهبوا بها إلى مارب، ونخشى أن يبيعوها للسعودية؟
ارتفعت حواجب المبعوث، وفتح فاه، وقد ازداد تعجبًا، وهو يرى اهتمام أعظم قائد على وجه الأرض في التاريخ المعاصر، وبادر القائد بسؤال:
-هل هي من أسرتك أو أقاربك ؟
ابتسم القائد ثانية وأجابه:
-لا ليست كذلك، ولكنها يمنية، وكل يمنية هي أختي، أو أمي، أو ابنتي.
أخذ المندوب يفرك يديه وقد التف حوله الذهول كإعصار حول شجرة وأخذ يردد :
-ظننتك ستطرح لي أسماء كبار رجالك الأسرى!
يبتسم القائد ويجيبه بحزم وثقه:
-أسرانا سنخرجهم، لكنهم رجال، وهذه امرأة ضعيفة، ولها أم وأطفال باتوا يموتون كل يوم قهرًا وكمدا، وهم لا يدرون أين هي ولا كيف حالها.
خرج غريفيث وفي قلبه احترام وتقدير وإعجاب بالسيد القائد، محدثًا من حوله بقوله:
-لم أرَ في حياتي قائدًا مثل هذا، يهتم لامرأةٍ بسيطة لا يعرفها، وليست ذي شأن!!
وبعدها لم يستطع جريفيث إطلاق سراح “سميرة مارش”
وجاء كموم الجوف، وحوصر العكيمي بعد أن هرب إلى بيته، وبعد أن شاهد الموت يحيط به من كل جانب، رفع الراية البيضاء، وجاءه رجال الحرب، وقالوا له :
-لو كان الأمر بأيدينا لقصفنا بيتك قبل أن ترفع الراية، لكن توجيهات السيد القائد قد وصلت وأعطاك الأمان، وخيرك بين الجلوس بدارك، أو الانتقال إلى صنعاء أو أي مكان تريد.
أجابهم: سأذهب إلى مارب، فهل لكم من شروط؟
-هناك شرطين فقط وهما” إطلاق سراح سميرة التي اختطفتها، وألا تقاتل أبناء وطنك وتقف في صف الغُزاة”
-أنا أموافق. قالها بصوت عالٍ وقد تهللت أسارير وجهه.
وبعد أخذ العهود والمواثيق وبحضور بعض المشايخ والوجهاء…
أردف قائلًا وعينيه تراقب أحد المصورين:
-لكن أرجوكم لا تكسروا ناموسي وتخرجوا هذه الفيديوهات في المسيرة.
-الله المستعان..أنت في وجه السيد. أجابه أحد القادة الأشبال.
غادر العكيمي بمرافقيه جميعهم، وسياراته كلها وأثاثه، وسلاحه، وأمواله، دون تفتيش أو مضايقة…
وصل مارب ونكث العهد، وخان الوعد، وخاب وجهه الذي طبعه للحضور، ولم يطلق سميرة مارش من سجنها، ولم يعتزل العمالة والخيانة.
وصلت أخباره إلى السيد القائد وكأني به يردد قول الحق سبحانه:
“وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكنَ منهُم”