روبرت فيسك يرى أن إيران التي رفعت عنها العقوبات حديثاً، “ستكون سعيدة بأخذ مكان السعودية كمنقذ مالي للبنان ولعب دور الشرطي في الشرق الأوسط”
تحت عنوان “السعودية تقطع مليارات المساعدات عن لبنان مشرعة الباب أمام إيران”، كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، وقالت إنه بدلاً من “مواجهة إيران خلف الكواليس” كما فعلت على مدى عقود “قررت السعودية معاقبة لبنان على انحياز حزب الله لإيران في سوريا”. ولذلك “جمدت مليارات الدولارات من المساعدات، أمرت السياح السعوديين بتجنب السفر إلى لبنان وأعلنت حزب الله، التنظيم السياسي والاجتماعي الأقوى في لبنان والأكثر تسليحاً، تنظيماً “إرهابياً”. وتابعت أن “العواقب قد تكون كبيرة في بلد بالكاد تجاوز حربه الأهلية، يقع على حدود إسرائيل، يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، ويقوم على تقاسم هش للسلطة بين طوائفه من أجل ضمان استقراره”. ورات الصحيفة أن “إيران لم تغير تكتيكاتها في لبنان. لكن الخطوة السعودية هي أحدث الخطوات في إطار السياسة الخارجية للملك الجديد ونجله ولي ولي العهد والتي يصفها منتقدوها بـ”المتسرعة”. وفي كل حال تؤكد السعودية حقها بل واجبها لمواجهة النفود الإيراني كما تفعل في اليمن وسوريا. لكن المفاجأة أنها في لبنان تراجعت إلى الوراء في خطوة من شأنها زيادة النفوذ الإيراني، وفق الصحيفة. وأردفت الصحيفة الأميركية أن خطوة الرياض “لا تهدد فقط بإعادة تشكيل السياسات في المنطقة، وإنما بتقويض الاقتصاد والتوازن السياسي الهش في هذا البلد الصغير”. وقالت “أمضى دبلوماسيون ومحللون أسابيع عدة وهم يحاولون فهم الأسباب التي دفعت بالسعوديين إلى معاقبة لبنان وربما حلفائهم اللبنانيين بسبب نفوذ حزب الله الذي ليس بالأمر الجديد. حتى إن سياسيين في المحور السعودي قالوا إن خطوات المملكة وضعت لبنان في موقف لا يحسد عليه”. زرداً على سؤال حول تفسير هذا التراجع في الدعم السعودي قال دبلوماسيون ومحللون إن لبنان أخذ مقعداً خلفياً إلى جانب سوريا واليمن والصراعات الأخرى في المنطقة. وفق أحد الدبلوماسيين “لم يعد أولوية بعد الآن”، كما اوردت “نيويورك تايمز”. من جانبه، كتب روبيرت فيسك تحت عنوان “لماذا انقلبت السعودية على لبنان بالانتقام منه؟”، قائلاً إن السعودية التي “تتخبط في الحرب الأهلية في اليمن والتي تهدد بإرسال جنودها مرتفعي الأجر وقليلي الخبرة إلى سوريا، قررت الانقلاب على لبنان منتقمة منه بسبب “خيانته” و”عدم امتنانه” رغم عقود من السخاء السعودي”. ورأى أنه من المرجح أن السعوديين سيندمون على هذا الهجوم. وان سحب البساط السحري المالي يفتح الطريق في لبنان أمام أصدقاء آخرين ليس أقلهم إيران التي بحسب آخر التقارير من بيروت ستكون سعيدة بتمويل الجيش اللبناني بمساعدات تصل إلى سبعة مليارات دولار، من خلال توفير أسلحة جديدة قامة من طهران بطبيعة الحال وليس من باريس، وفق فيسك. وتابع أن الأميركيين والبريطانيين “اليائسون من عدم توفر التسليح الكافي للجيش اللبناني لحماية البلد من داعش الذي سيطر مؤقتاً على بلدة عرسال شمال شرق لبنان ولا يزال يحتفظ بتسعة جنود لبنانيين رهائن، يتوسلون السعوديين من أجل الإيفاء بوعد الثلاث مليارات دولار”. وأردف أن “الحقيقة المرة هي أن الإشادة بالسعودية علناً وشتمها بالسر في الشرق الأوسط المسلم يعود لكونها غنية فيما غالبية أشقائها العرب فقراء. كان السعوديون أسخياء، انطلاقاً من مصالحهم في القضايا الأساسية، من خلال إعادة إعمار لبنان باستمرار، بناء مساجد جديدة في البوسنة وإنفاق الأموال في كازينوهات أوروبا، لكنهم ليسوا منفتحين”. وفي الخلاصة قال فيسك إنه “لا عجب أن يتساءل البعض في بيروت ما إذا كانت المملكة العربية السعودية لا تعاني فقط من نفاد الأموال، نتيجة انهيار أسعار النفط وتكلفة مغامرتها اليمنية. في هذه الحالة، فإن إيران، التي رفعت عنها العقوبات حديثاً، ستكون سعيدة بأخذ مكان المملكة كمنقذ مالي للبنان ولعب دور الشرطي في الشرق الأوسط”.