40 يوماً من الحصار والعدوان.. عرش المملكة يتصدع!
كلُّ المؤشرات الآن لا توحي بأن الرياضَ عازمةٌ على وقف عُـدْوَانها وحصارها على الشعب الـيَـمَـني؟.
اليومُ هو الأربعون منذ بداية هذا العُـدْوَان في السادس والعشرين من شهر مارس الماضي، ويمكن القول: إن العُـدْوَانَ استهدف كُلّ مقومات الحياة واستهدف الإنْسَـانَ الـيَـمَـني دون تفريق بين صديق أو عدو، أضف إلـى ذلك فإن الحصار شمل شعباً بأكمله وما يربو على 25 مليون نسمة.
وكثَّفَ الطيرانُ السعودي الأمريكي غاراته على عدد من محافظات الجمهورية، حيث استهدف يومَ أمس مطار عدن الدولي وجزيرة العمال وكريتر والعريش بـأكثر من 30 غارة، فيما أطلق القذائف المدفعية على عدد من مديريات صعدة.
وأكد ناطقُ أنصار الله محمد عَبْدالسلام عدَمَ صحة الأنباء التي تحدثت عن إنزال قوات برية عربية في عدن، مشيراً إلـى أن هذه الأخبارَ تأتي فقط لرفع معنويات عناصر ما يسمى القاعدة التي تلقت ضربات موجعة.
كما شن الطيرانُ المعادي سلسلةَ غارات على محافظة لحج وأمانة العاصمة، مستهدفاً المطار وميدانَ السبعين وحي سعوان ومنطقة ضلاع همدان.
وفي محافظة حجة استهدف الطيران المعادي مبنى القصر الجمهوري ومعسكر الأمن المركزي وقصف مصنع صلاح الدين لصناعة البلاستيك في جولة الكندي، كما استهدف الطيرانُ المعادي المستشفى الميداني في دمنة خدير يوم الجمعة الماضية.
ولا توجد منشأة اقتصادية لم تتضرر من القصف أو الحصار، مطاراتٌ تم استهدافها، أسواقٌ شعبية، أحياء سكنية، معسكرات، موانئ، قصور، مستشفيات، وجسور، وحصيلة هذا العُـدْوَان زادت عن الألف شهيد وعن الأربعة آلاف جريح.
وبموازاة العُـدْوَان يستمرُّ الحصار السعودي الأمريكي على بلادنا، وباتت الأوضاعُ الإنْسَـانية في خطر محدق، والـيَـمَـن أصبح قابَ قوسين أو أدنى من حدوث كارثة إنْسَـانية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر وانعدام الوقود والمحروقات، ومادة الغاز المنزلي وعدد من المواد الغذائية والاستهلاكية.
وفي الخارج آلاف المواطنين عالقون لا يستطيعون العَودة إلـى بلادهم؛ بسبب هذا الحصار الغاشم، وحين حاولت طائرةٌ إيْـرَانيةٌ كسر الحصار وإعادة عدد من جرحى الهجوم الإرهابي على مسجدَي بدر والحشحوش وتقديم بعض المساعدات أقدمت طائراتُ العدو على قصف مدرج مطار صنعاء الدولي لمنع الطائرة من الهبوط في عملية همجية تفتقد لكل القيم الإنْسَـانية وتعرض المطار لأضرار كبيرة نتيجة هذا القصف الهمجي، وهو ما اعتبرته مرضية أفحم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيْـرَانية بأنه “إجراء حاقد”.
في سياق الردود الدولية حول العُـدْوَان والحصار تزايدت الدعواتُ المطالبة بوقف العُـدْوَان والسماح لدخول المساعدات الإنْسَـانية إلـى بلادنا، حيث جدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التأكيد على أهمية إدخال المساعدات للـيَـمَـنيين وعدم استهداف المستشفيات، فيما دعا مساعد وزير الخارجية الإيْـرَاني حسين أمير عبداللهيان خلال استقباله المدير العام الإقليمي للصليب الأَحْمَر روبرت مارديني، إلـى وقف العُـدْوَان وفتح طريق آمن لإيصال المساعدات الإنْسَـانية إلـى الـيَـمَـن.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أفشل قراراً روسياً يوم الجمعة الماضية بعمل “هُدنة إنْسَـانية” في الـيَـمَـن والسماح بدخول المساعدات، وهي المرة الثانية للمجلس التي تفشل فيها هذا القرار الروسي.
في الداخل السعودي تتواصل الاضطرابات وسط الأسرة الحاكمة، وشهدت المملكة الأسبوعَ الماضيَ تغييراتٍ وُصفت بأنها “انقلابية” أطاحت بولي العهد “مقرن بن عَبْدالعزيز” وعدد من أبناء الملك الراحل عَبْدالله بن عَبْدالعزيز، وقدم الملك سلمان نجله محمد كقائد ومرشَّح للملك بعده.
هذه التغييراتُ -كما يقول سياسيون- لم تأتِ في ظل سياق وضع طبيعي تعيشه المملكة، بل جاءت أثناء العُـدْوَان على بلادنا، وهو ما يعني أن حجمَ هُوة الخلافات متسع وأن المملكة في طريقها إلـى التصدع.
وعلى الصعيد السياسي تواصل المملكة العربية السعودية استقطابَ عدد من السياسيين والمسؤولين السابقين الـيَـمَـنيين إلـى الرياض لحُضُور ما يسمى “بمؤتمر الرياض” والذي من المقرر أن ينعقدَ منتصف الشهر الجاري.
ويرى مراقبون أن السعودية تهدفُ من عقد هذا المؤتمر لتخفيف الحرَج أمام بعض القوى السياسية التي يمكن أن تشارك في المؤتمر، وكذا محاولة ترميم صورتها التي اهتزت أمام العالم، وذلك بالرفض القاطع لأنصار الله والقوى السياسية المناهضة للعُـدْوَان والتي ترفض بأي شكل من الأشكال الحوارَ في الرياض أو في أية دولة من دول العُـدْوَان، ولا تمانع في إقامته في دولة محايدة شريطة أن يكون الحوار يمنياً يمنياً ولا قبول لأية تدخلات خارجية.
وما يزيدُ من الفشل السعودي وغرق آل سعود في الرمال الـيَـمَـنية أنهم إلـى اليوم الأربعين غير قادرين ولم يجرؤوا على الدخول في مواجهات برية مع الجيش الـيَـمَـني، وباتوا عاجزين تماماً عن استئجار الجيش الباكستاني للقتال نيابةً عنهم وهو ما يرفضه الباكستانيون بشدة.
إذاً، فالنوايا السعودية الأمريكية لوقف العُـدْوَان غيرُ واردة، خاصة وأن المبعوث الجديد للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد لم يمارس مهامَه حتى الآن، ومن المتوقع أن يبدأ مهمته الأسبوع المقبل، لكن لا أحد يدري إلـى أن سيتكونُ وجهته الأولى هل إلـى الرياض مباشرة أم إلـى صنعاء؟.
ولم تكن إعلانُ قيادة التحالف لوقف ما يسمى بعاصفة “الحزم” سوى فتح الباب أمامَ المسار السياسي الذي تحدث عنه قرارُ مجلس الأمن الأخير 2216، وهل سيعمل على نصيحة سلفه جمال بن عمر والبدء من الحوار من حيث انتهى، أم أنه سيفتح ملفات كثيرة الـيَـمَـنيون في غنى عنها؟.
ورغم كُلِّ هذه التطورات تبقى الكلمة الأقوى للميدان، فالجيشُ واللجان الشعبية يسيطران على الوضع في معظم محافظات الجمهورية، وهادي وحكومته المستقيلة ليس لهم موطءُ قدم في الـيَـمَـن، ومن كان خارج البلاد هارباً ليس كمن كان بداخلها ويملك زمام الأمور.
وسيظل الرهان الأكثر احتمالاً للرياض وواشنطن هو الاستمرار في حصار الشعب الـيَـمَـني والسماح فقط لدخول بعض الإغاثات الإنْسَـانية، وذلك لغرض خلق حالة من السخط الشعبي العارم تجاه أنصار الله واللجنة الثورية وتحميلهم مسؤولية ما تؤول إليه الأوضاع المعيشية والإنْسَـانية.
وفي حال تزايد الوعي لدى المواطنين، فإن كُلَّ المحاولات ستبوء بالفشل وأن صمودَ وصبرَ الشعب الـيَـمَـني هو من سيحقق الانتصارَ الكبيرَ ويفشل كُلّ المؤامرات على البلد الحبيب.