المسيرة القرآنية.. بين حكام الخليج وسيّد المقاومة
حسن أحمد شرف الدين
شاهدت البارحةَ تقريراً متلفزاً على قناة دبي عن بطولة العالم لسباق الخيول الذي يفخر حكام الإمَارَات بتنظيمه واستضافته على أعلى مستويات من البذخ والإبهار والفساد، ليس أقل الأخير سوى عشرات الحسناوات العاريات اللواتي جلبوهن من شتى بقاع الأرض “ليزينوا” بهن تلك البطولة التي يحصدون فيها كؤوس المراكز الأولى، فأثار ذلك بداخلي الاستغرابَ عن الأسباب التي دفعت بحكام الإمارات لاتخاذ موقف العدوان على يمن الإيمان والدفع بأبنائهم للمشاركة فيه، وتخلي صبيانهم عن تلك المعيشة بالغة الترف والراحة ليأتوا ويخيموا في صحراء مأرب بالغة القسوة والشدة وتعرض بعضهم للقتل ومنهم راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم نجل حاكم دبي، وإصابة أحمد بن محمد القاسمي نجل حاكم الشارقة الذي فقد رجليه!..
كما تبادر الى ذهني أَيْـضاً موقفُ سيد المقاومة حسن نصر الله ازاء عدوان آل سعود ومكتوم وخليفة وغيرهم من حكام الخليج على الـيَـمَـن فرحت أعقد مقارنةً بين الموقفين، وبتأمل كلا الموقفين – وإن كان كل منهما على النقيض من الآخر – وجدتهما موقفين قويين جداً، الأمر الذي أثار تساؤلاتي عن ماهية حيثيات ودوافع كليهما؟ ولماذا الـيَـمَـن على وجه التحديد؟ ولماذا لم تصدر تلك المواقف إزاء بلدان أخرى كالعراق أَوْ سوريا أَوْ ليبيا مثلاً؟.
فرحت أبحث عن الإجابة واضعاً فرضيات سياسية وعسكرية واقتصادية وجدت فيها ما قد يشكل نسبة بسيطة من الإجابة، فواصلت البحث حتى توصلت الى ما يمكن اعتباره إجابة شبه كاملة عن تلك التساؤلات تتمحور في أنهم أدركوا أن شيئاً ما بالغ الأهمية والأثر يحدث في الـيَـمَـن ألا وهو المسيرة القرآنية المباركة، فقرر كل منهم موقفه منها وفقا لإيمانه ومبادئه ونظرته لدوره في هذه الحياة الدنيا، فكان موقف تلك الأسر الحاكمة في الخليج هو موقف وليهم الشيطان الأكبر أمريكا المتمثل في ضرورة القضاء على هذه المسيرة وعدم السماح لها بالانتشار فكرياً وثقافياً ومنع أتباعها من انتزاع سيادة البلد الذي شهد نشأتها ليبقى في مراتع الخضوع والعمالة والانبطاح وبالتالي لا يتمكنوا من تجسيد نموذج حي للإسلام الحق، والحرية والنهضة، فيتأثر بهم أبناء الشعوب العربية والإسلامية فتستعيد الأمة دينها الحق ويقوم أبناؤها بالدور الذي أراد الله سبحانه وتعالى منهم أن يقوموا به كمستخلفين في الأرض، ولكون ذلك يمثل خطراً بالغاً على أُولئك الحكام ومن قبلهم أوليائهم أمريكا وإسرائيل..
في المقابل كان موقف السيد حسن نصر الله الذي يصدقه أعداؤه قبل أصدقائه موقفاً قويا جداً حينما قال للعالم كافة إن خطابه غداة العدوان السعُـوديّ على الـيَـمَـن هو أقوى وأشرف عمل قام به طيلة حياته وهو أكبر وأهم من جهاده ونضاله وانتصاراته بفضل الله تعالى على الكيان الصهيوني، فكان موقفه هو الموقف الذي يرضي الله ورسوله..
موقفٌ بهذا الحجم وهذه القوة ومن هذه الشخصية على وجه الخصوص لا يمكن أن يصدر مجاملة أَوْ نفاقاً أَوْ مزايدةً وإنما لا بد أن له حيثياته ودلالاته، فالسيد حسن يمتلك بصيرة ورؤية ودراية بالسنن الإلهية جعلته يدرك أن للمسيرة القرآنية دورا قويا بالغ الأهمية في تغيير وصناعة مستقبل الأمة بل والبشرية جمعاء، فكان موقفه مناسباً لتلك القوة والأهمية، وهو إعْلَان للناس جَميعاً لأن يقوموا بمسؤولياتهم في هذا الصدد..
من هناك ندرك أن الأمرَ بالغ الأهمية ويهيئُ لأمور عظيمة وكبيرة، فليتفكر ويتأمل كل منا مواقفه من هذه المسيرة القرآنية المباركة التى أنعم الله علينا بمواكبتنا لها، وليقوم كل بمسؤولياته، فكلنا مسؤولون عنها على مستوى فردي وجماعي، ولعمري أن الحق بيّنٌ والباطل بيّن..
ثبتنا اللهُ وإياكم على درب المسيرة القرآنية وجعلنا من أنصاره وأنصار رسوله وأنصار أوليائه.