مات الضمير العربي
بقلم/ عبدالله علي صبري
هل مات الضمير العربي؟
قطعا نعم، فالهم الجمعي عربيا لم يعد يوحد الشعوب العربية نفسها، فما بالك بالأنظمة الرسمية التي فرقت أمتنا شذر مذر، وأعلت من شأن مصلحة الحاكم على ما عداه من مصالح وطنية وقومية عليا.
بات كل قطر عربي مهموما بذاته، وبقضاياه، غير آسف بما حول دولته من مصائب تحاصر بقية شعوب المنطقة العربية، متجاهلا أن ترابط المنطقة تاريخيا وجغرافيا، لغة وثقافة ..يجعل النأي بالذات مسألة عدمية، وغير منسجمة مع الوقائع الميدانية.
فلسطين التي كدنا أن ننسى قضيتها مثلا، ما نزال ندفع ثمن فاتورة التفريط بأرضها وحق شعبها. وعندما سكتنا على فجيعة الصومال، جاء الاحتلال الأمريكي للعراق، ولم نكن في مستوى المواجهة، ما شجع قوى التآمر والعدوان على المضي في مخطط تقسيم السودان، كبالونة اختبار، شجعت على المضي في مخططات التقسيم والأقلمة التي حيكت وتحاك ضد معظم دول وشعوب المنطقة، كالعراق ،وسوريا، ولبنان، واليمن، وليبيا، والمغرب.
ومما يضاعف الحسرة على حال الأمة أنها حين قررت أن تحزم أمرها في وجه المؤامرات، تحركت بوحي الخارج أيضا، ولكن في الاتجاه الخطأ.
هل يمكن تصور أن الحرب على اليمن تأتي في سياق الحفاظ على الأمن القومي العربي؟
غير معقول البتة، لكن الساسة جعلوها كذلك، مستغلين حالة تفكك الشعوب العربية، وشعورها بالتيه والضياع، خاصة أنها عاشت حلماً جميلاً في ظل الربيع العربي، لكن سرعان ما تحول إلى كابوس مهد لمزيد من التجزئة والتناحر والصراع العربي/ العربي ، تحت لافتات وذرائع ما أنزل الله بها من سلطان.
كتبنا كثيرا عن القضية الفلسطينية، وقلنا أن إسرائيل إلى زوال ما دام الشعب العربي يقظا، وضميره حاضراً. واليوم أين هو الشعب العربي من هذه القضية، وأين هو مما يحدث في منبت العروبة: اليمن. وهل بات المطلوب إعادة هيكلة الضمير العربي إن وجد؟
هل كان يمكن أن يأتي يوم ليقول الأعراب أن اليمنيين غدوا فرسا ومجوسا، وهل كان يمكن أن تنطلي أكاذيب الساسة والإعلام المتصهين على أمة كانت تسود العالم يوماً؟
على مدى عام واليمن تقصف ويعتدى على شعبها، فيما الأمة تغط في سبات عميق، في موقف متماه مع الحكام المعتدين، وفي ذات الخط مع الموقف الأمريكي/ الإسرائيلي، فما الذي جرى؟
هل تعيش الأمة حالة موات كلي، وهل وصل الاستلاب وتزييف الوعي إلى هذه الدرجة، وهل يصدق فيها اليوم قول الشاعر:
أمة عانت من الموت طويلا …فأدفنوها لم تعد تجدي فتيلا
لا أتساءل بحثا عن إجابات، ولكنه الاستنكار الكامل للموقف الشعبي العربي، مما يلحق بنا في اليمن من عدوان وحصار ومؤامرة كونية غير مسبوقة، لدرجة أن العالم الذي يحارب القاعدة وداعش من كابول إلى اسطنبول وباريس، يغض الطرف عن هذه التنظيمات في اليمن وسط تضليل عربي رسمي يسوق للإرهاب باسم المقاومة، وللعدوان والقتل والتجويع باسم إعادة الأمل!
إنها عاصفة قصفت العقول، وما بقي من ضمير عربي، أما اليمن فشامخ شموخ الجبال والتاريخ، وسينتصر لمظلوميته، ولمظلومية الشعوب العربية مهما غدر به الجيران، وخانه المستعربون.